عاش زايد ورحل، وقيم المحافظة على الطبيعة ملء قلبه وجنانه مقالات المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في حماية البيئة

يعتبر المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، أحد أهم رواد حماية البيئة في العالم، فقد ولد زايد وعاش نصيراً للطبيعة، واشتهر بحبه ورعايته للتنوع البيولوجي بكافة صوره.

"إن حماية البيئة يجب ألا تكون وألا ينظر إليها كقضية خاصة بالحكومة والسلطات الرسمية فقط، بل هي مسألة تهمنا جميعاً… إنها مسؤولية الجميع ومسؤولية كل فرد في مجتمعنا، مواطنين ومقيمين".

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"منذ البداية، اعتبرت دولة الإمارات حماية البيئة هدفاً رئيسياً لسياستها التنموية وبذلت جهوداً مكثفة في ظروف بيئية قاسية لمعالجة مشكلة التصحر وزيادة الرقعة الخضراء وتطوير الموارد المائية وتحسين البيئة البحرية وحمايتها من التلوث والحفاظ على الثروة السمكية والحيوانية والطيور والإكثار منها بإصدار التشريعات اللازمة."

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"إن اهتمامنا بحماية البيئة وصون ما فيها من نبات وحيوان، ليس وليد الساعة، وإنما هو اهتمام أصيل راسخ، دعونا له ومارسناه وطبقناه قبل أن يبدأ الاهتمام العالمي به بسنوات عديدة".

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"من جهتنا فإن الحكومة كشأنها دائماً ستعمل دون كلل على دعم كل الجهود الهادفة إلى حماية بيئتنا وتوفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذا الهدف وأننا ندعو كافة الجهات المعنية بسرعة استكمال التشريعات والنظم والقرارات والخطط اللازمة لحماية البيئة بمختلف صورها والحد من الآثار السلبية التي تضر بها لتظل بيئة الإمارات كما نحب أن تكون سليمة وآمنة يتمتع بها جيل الحاضر وأجيال المستقبل."

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"وبالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، لا يعتبر موضوع حماية البيئة مجرد شعار، أو كلمات مجردة من أي مضمون، بل هو في الواقع جزء لا يتجزأ من تاريخنا وتراثنا ونمط حياتنا. لقد كنا ولا نزال ملتزمين بمبدأ التعايش بين الإنسان والطبيعة".

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"إن البيئة البحرية جزء عزيز من تراثنا ومن حاضرنا ومن مستقبلنا، وتمثل إضافة لما ذكرناه قيمة عاطفية كبيرة في وجداننا، ولذلك فقد كان حرصنا شديداً على بذل كل الجهود لحمايتها وحماية ثرواتها".

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"إننا نتطلع إلى مزيد من تثقيف أجيالنا الجديدة في المدارس والمعاهد والجامعات بقضايا البيئة ووسائل حمايتها والمحافظة عليها، ليس فقط لأنهم قادة الغد، بل لأن عليهم الإسهام في هذا الجهد الوطني العام".

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"إننا نولي بيئتنا جل اهتمامنا لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا، لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض، وتعايشوا مع بيئتها في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجة للمحافظة عليها. وأن يأخذوا منها قدر احتياجهم فقط. ويتركوا فيها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً للخير ونبعاً للعطاء. وكما أجدادنا كذلك نحن الذين نعيش الآن فوق هذه الأرض المباركة، إننا مسئولون عن الاهتمام ببيئتنا والحياة البرية واجب علينا، واجب الوفاء لأسلافنا وأحفادنا على حد سواء".

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"لطالما اعتقدنا أن حماية بيئتنا والمحافظة عليها، هي مسؤوليات تؤثر علينا جميعاً، حكومات ومنظمات وأفراداً، ولكن يتعين على الحكومات أن تأخذ زمام المبادرة. ولذلك فقد سعينا على أن يتم استغلالنا لاحتياطياتنا من النفط والغاز بطريقة تدرك جيداً احتياجات بيئتنا. وقد تبنينا سياسة عدم إحراق أي ذرة من الغاز، للحد من الانبعاثات الضارة في الجو".

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

"لقد نجحنا بفضل من الله وإيمان هذا الوطن في التغلب على كثير من الصعوبات البيئية والمناخية وانتصرنا في معركة التصحر وتخضير الأرض وتحديث الزراعة ونشر رقعتها والمحافظة على الحياة البرية وسن القوانين والتشريعات التي تحافظ على البيئة وتحميها".

كيفية إنشاء مدن منخفضة الكربون والتحديات الماثلة

المهندسة/ ماريتزا فارغاز
منظمة تيرا للتنمية- المحدودة
الاكوادور
بريد إليكتروني: maritza_noya@hotmail.com

كلنا يعلم أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في مدن وأن هذا المسار مستمر في نفس الاتجاه مع توقعات بزيادة هذه النسبة إلى الثلثين بحلول عام 2050 ليصبح عدد السكان 7.35 مليار نسمة يعيشون في مدن حضرية. وبالنظر إلى الخريطة التالية، تجد نسبة كبيرة من مساحة الكوكب مأهولة، ولكن بصفتنا "بشر" ومخلوقات اجتماعية نحتاج إلى عنصر المتعة والعيش في مجموعات داخل مجتمعات حتى لو كان هذا يعني العيش في مناطق مأهولة بالسكان ومكتظة وملوثة وغير آمنة.

مصدر الصورة: مدن سكانية/ العالم

يفضل الناس دفع مبالغ مالية طائلة عن كل متر مربع مقابل العيش في وسط العاصمة؛ فتقارب الناس داخل المدن يحدث تنمية اقتصادية ويخلق فرصًا لقطاع الأعمال وكذلك يوفر سهولة الحصول على الخدمات العامة والخاصة مثل: التعليم والصحة والثقافة والترفيه وكذلك الإغاثة في حالات الطوارئ. هؤلاء الأشخاص يتقاربون فيما بينهم على نحو يفسح لهم مجال الاستفادة من الطاقة. ويستهلك الفرد الواحد داخل العديد من المدن الكبيرة طاقة أقل من التجمعات الريفية لأنها لا تحتاج إلى السفر وتتبادل الاحتياجات السكنية.
ذكر برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أنه يتم استهلاك نحو %80 من الطاقة حول العالم في المدن؛ وبالتالي فثمة حاجة ملحة إلى إزالة الكربون وتحويل مدننا الحالية إلى مدن منخفضة الكربون، ولكن كيف يتم ذلك؟



تعتبر المدن مسؤولة عن معظم إنتاج ثاني أكسيد الكربون في العالم... ولكنها أيضًا توفر فرصًا كبيرة لخفض إنتاج الكربون للفرد الواحد...

البروفيسور جاكلين مكغلاد - الوكالة الأوروبية للبيئة

كيفية إنشاء مدن منخفضة الكربون

نقدم فيما يلي ثلاث نماذج مثالية لتحويل مدينتك إلى مدينة منخفضة الكربون:

1. برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية

يوصي البروفيسور ليمان، عضو ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بثلاثة مقترحات أساسية للتحول إلى مدن منخفضة الكربون:

1. نموذج المدينة التي توفر ممشى محكم ومتعدد الاستخدام:لا تبدأ من الصفر؛ بل استفد من النموذج التقليدي للمدن الأوروبية مع لمسات حضرية خضراء.

2. الأماكن العامة والكثافة السكانية: تعتبر الأماكن العامة والوصول إليها أمرًا مهمًا؛ حيث التكتل السكاني ومساحات خضراء أكثر وبرامج التنقل الجديدة في الأماكن العامة.

3. جدول الأعمال الحضري الجديد:الحاجة إلى نماذج حضرية ومنهجيات متكاملة ذات حدود نمو حضرية تحمي الحقول الخضراء والغابات والأراضي الزراعية وتحد من التوسع الحضري.

2. الصندوق الاستئماني للكربون في المملكة المتحدة: "نموذج مدينة منخفضة الكربون"

يختلف الأمر داخل المملكة المتحدة، فقد تم تنفيذ "نموذج مدنية منخفضة الكربون" بنجاح من قبل الصندوق الاستئماني للكربون متبعًا في ذلك خمس خطوات:

توضح تجربة برنامج الصندوق الاستئماني للكربون أن عامل النجاح الأساسي للحد من الكربون داخل المدن هو:

• التزام الحكومة المحلية والقيادة كمثل يحتذى به

• عمل شراكة حقيقية مع القطاع الخاص وقطاعات الأعمال والموردين والهيئات الأخرى والمشاركة في الأهداف والغايات

• توضيح المسؤوليات للجميع ممن يتعاونون مع مدير المدينة والمدير المالي بالمدينة

• اتخاذ إجراءات مالية واضحة وتنفيذ المشروع

3. - الصين: "المبادئ العشرة الأساسية للتوسع الحضري منخفض الكربون"

يجلب التوسع الحضري السريع الذي تشهده الصين تنمية اقتصادية يصاحبها تغيير اجتماعي وارتفاع في مستويات المعيشة لسكان الريف والحضر. وفي نفس الوقت، يوجد تأثير سلبي على البيئة الطبيعية للصين مع الاستهلاك المكثف للموارد والتلوث وتشريد للتنوع البيولوجي. من الآن فصاعدًا، تبنت الحكومة الصينية نهجًا أكثر خضرة واستدامة وانخفاضًا في مستوى الكربون وتركز في ذلك على الاستفادة الفعالة من الأرض والطاقة والموارد الأخرى؛ تسعى في ذلك إلى تحقيق "حضارة بيئية" والحفاظ على التراث الثقافي والخصائص المحلية.

وضع المبادئ العشر الأساسية للتوسع الحضري منخفض الكربون 6 أعضاء من تحالف الاستدامة الحضرية بالصين والذي أصدرته وأوصت به 13 منظمة محلية ودولية غير هادفة للربح، بما في ذلك معهد الموارد العالمية والصندوق العالمي للطبيعة والرابطة الدولية لإدارة المدن والبرنامج الإنمائي للصين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع 40 مدينة مأهولة بالسكان وبرنامج الصندوق الاستئماني للكربون ومنظمات أخرى.

تندرج هذه المبادئ تحت ثلاث فئات:

• نموذج حضري منخفض الكربون

• كفاءة استخدام الموارد

• الحوكمة الحضرية الشاملة

لا تحتاج المبادئ الأساسية العشرة للتوسع الحضري منخفض الكربون إلى تفسير ويمكن تطبيقها على أي مدينة.

ما التحديات التي يجب التغلب عليها؟

تتمثل أكثر التحديات شيوعًا التي تواجه تنفيذ استراتيجيات المدن منخفضة الكربون فيما يلي:

1. لا يمكن للحكومات البلدية أن تعمل بمفردها، فمن الضروري الحصول على دعم وطني للمضي قدمًا في التطويرات الحضرية منخفضة الكربون، لأن الجوانب الرئيسة مثل معايير كفاءة الطاقة الوطنية أو معايير المركبات أو دعم الوقود أو السياسات الضريبية يتم تحديدها عن طريق سياسات رفيعة المستوى.
2. تمتلك المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم أقل عدد من الموارد والقدرات؛ ولذا فهي بحاجة إلى سياسات وطنية لمعالجة الإجراءات المحلية للحد من الغازات الدفيئة.
3. السعي للجمع الأمثل بين أدوات السياسة مع الأخذ في الاعتبار التأثير المحتمل على الميزانية الوطنية وموارد الحكومة المحلية وقدراتها والآثار الاجتماعية بالإضافة إلى التأثير الذي قد تحدثه إحدى السياسات على سياسة أخرى.
4. تتطلب الأهداف منخفضة الكربون تنسيقًا فعالًا على جميع مستويات الحكومة.
5. تتبع السياسات التي تتماشى مع الأولويات القائمة وتنفيذها مثل الحد من السياسة وزيادة فرص العمل وتحسين الصرف الصحي وازدحام الطرق.
6. يوجد نقص في البيانات بشكل عام في بعض القطاعات ويوجد بيانات بلا جودة في القطاعات الأخرى، فمن الضروري ضمان جمع بيانات ذات جودة عالية وإدارتها وضمان معالجة المسائل المتعلقة بالأخلاق والخصوصية والأمن.

References:

1. https://www.carbontrust.com/low-carbon-cities/the-programme/
2. https://unhabitat.org/steffen-lehmann-transforming-the-city-towards-low-carbon-resilience/
3. https://www.western.edu/sites/default/files/page/docs/Creating%20Low%20Carbon%20Cities%20Springer.pdf
4. https://www.nrdc.org/sites/default/files/10-key-principles-of-low-carbon-urbanization-1126.pdf
5. https://www.env.go.jp/earth/coop/lowcarbon-asia/english/localgov3/data/city_pumphlet_en.pdf
6.https://newclimateeconomy.report/workingpapers/wp-content/uploads/sites/5/2018/02/Building-Thriving-Low-Carbon-Cities-An-Overview-Full-Paper-1.pdf

المدن منخفضة الكربون: دروس مستفادة من مدينة سان خوسيه، كاليفورنيا
الينا كريت
مدير شبكة حلول التنمية
المستدامة التابعة للأمم المتحدة
elena.crete@unsdsn.org
جيدو شميت تراب
المدير التنفيذي لشبكة
حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة

تمتلك المدن إمكانيات هائلة تستطيع أن تخطوا من خلالها نحو مستقبل ينخفض فيه الإنتاج الكربوني على نحو يتلاءم وتنفيذ اتفاق باريس للمناخ. وطبقًا لمشروع الكشف عن انبعاثات الكربون (CDP)، تستهلك المدن نحو ثلثي طاقة العالم؛ حيث تأتي الولايات المتحدة كثاني أكبر مصدر للغازات المسببة للاحتباس الحراري تصل فيها النسبة إلى 16.5 طن سنويًا للفرد الواحد [1] بجانب 30% من الانبعاثات الصادرة من قطاع الكهرباء [2]. وتضم المدن داخل الولايات المتحدة 60% من السكان [3]. ونظرًا لعدم قيام الحكومات الوطنية بالولايات المتحدة بأخذ خطوات جادة، تضطلع المدن داخل الولايات المتحدة ببذل جهود رامية لتقليل الانبعاثات.

وأحد الأمثلة على ذلك يتمثل في مدينة سان خوسيه بكاليفورنيا التي تحتل المرتبة العاشرة باعتبارها إحدى المدن الكبرى بالولايات المتحدة والتي اتخذت خطوات جادة للمضي قدماً نحو مستقبل منخفض الكربون وتعزيز الاقتصاد المتنامي، تنتهج في ذلك عمليات تخطيط طويلة الأجل. ومنذ اعتماد الأمم المتحدة للاهداف ال 17 للتنمية المستدامة، علاوة على اتفاق باريس للمناخ في 2015، تمكنت مدينة سان خوسيه من موائمة جهودها التنموية مع هذه البرامج العالمية. وفي عام 2016، اشتركت مجموعة بحثية بجامعة سان خوسيه مع منظمة غير هادفة للربح مقرها نيويورك في إنشاء شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة لنشر تقييم حول دور حلول التنمية المستدامة في وضع رؤية طويلة المدى للمدينة وتسهيل عمليات تخطيط أكثر شمولية لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي. وقد استطاعت المدينة من خلال هذا التقييم تحويل خطة الرؤية الخضراء لمدينة سان خوسيه إلى خطة شاملة لتحقيق التنمية المستدامة.

الشكل 1: أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في مدينة سان خوسيه

تسعى المدينة من خلال هذه العملية إلى وضع إطار عمل يلقى قبولًا واسعًا بهدف تنفيذ الرؤية الخضراء لمدينة سان خوسيه والذي حدد سبلًا للاستفادة من وظائف التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة والمباني الصديقة للبيئة والحد من النفايات وتحسين وسائل النقل. وفي إطار هذه الرؤية، التزمت مدينة سان خوسيه بأن تكون %100 من الطاقة الكهربائية الصادرة منها من مصادر متجددة بحلول 2022. الجدير بالذكر أن عدد سكان المدينة يبلغ مليون نسمة تقريبًا، وأن حوالي%89 من انبعاثات الغازات الدفينة مصدرها وسائل النقل وقطاعات الطاقة، وهو ما كان له أكبر الأثر في التوسع في هذه الالتزامات [4]. ومع ذلك، بدون تفعيل دور المجتمع المدني وموافقته ووجود تفهم متبادل عن كيفية تحقيق هذه الرؤية، تظل هذه الوثيقة دربًا من الخيال وليست خطة قابلة للتحقيق.

وضعت مدينة سان خوسيه على مدار السنة الماضية خطة الاستدامة البيئية وكان نتاجها مدينة سان خوسيه الذكية مناخيًا: خطة محورها البشر لمدينة منخفضة الكربون في فبراير 2018. تركز الخطة على الحد من انبعاثات الطاقة والماء والمواصلات مع الحفاظ على النمو الاقتصادي للمجتمع. وهي تتماشى بوضوح مع اتفاق باريس للمناخ: "تسلم الخطة كذلك بأنه مع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ (اتفاق باريس)، فإن العديد من المدن – بما فيها مدينتا- يشرفها التعهد بتنفيذ اتفاق باريس للمناخ بدلًا من العمل الاتحادي. [5]" وقد ساعد هذا التوافق المدينة في اتباع نهج أكثر شمولًا وطموحًا للحد من الانبعاثات. وفي مقدمة الخطة، أكدت المدينة " لقد قمنا بتحطيم الأرقام لفهم أن التغيرات في بعض المناطق سيكون لها تأثير على الآخرين في مناطق أخرى، بما في ذلك توسيع نطاق الطاقة المتجددة وإدخال تقنية السيارات الكهربائية ومشاركتها ووضع استثمارات في البنية التحتية العامة ودور الوظائف المحلية في المساهمة في تحقيق الاستدامة لنا." إن فهم هذه الفوائد الجانبية سيسمح للمدينة بتعظيم إمكانات الأموال العامة وفهم مدى تأثير قرارات المجموعات المختلفة على بعضها البعض.

من أهم عوامل النجاح الرئيسة في تطوير هذه الخطة هي مشاركة جميع أصحاب المصالح داخل المدينة. عند وضع الصياغة الأولى للرؤية الخضراء لمدينة سان خوسيه، رحبت المدينة بمساهمات مجموعة متنوعة من المشاركين. وقد عقدت وزارة الخدمات البيئية 13 اجتماعاً عاماً و6 ورشات عمل تقنية منذ 2017. ولا تزال المدينة تعقد اجتماعات منتظمة بالتعاون مع الجامعات المحلية لمعرفة أحدث الأبحاث المهتمة بالتنمية المستدامة وما يدور حول التحول إلى بنية تحتية منخفضة الكربون. وبمشاركة جامعة سان خوسيه الحكومية في مبادرة المدن المستدامة بالولايات المتحدة الأمريكية التابعة لشبكة حلول التنمية المستدامة، فهي واحدة من الجامعات المدعوة للتشاور مع المدينة حول كيفية دعم المجتمع الجامعي للجهود التي تبذلها المدينة. ومن خلال هذا التعاون، تعكف مجموعة من الطلاب الخريجين على العمل عبر لوحة بيانية على الشبكة بحيث يمكن الاستفادة منها في تتبع التقدم المحرز لتحقيق أهداف الرؤية الخضراء لمدينة سان خوسيه والتنمية المستدامة.

نستنبط من نموذج مدينة سان خوسيه بكاليفورنيا ما يلي: 1) إنتاج استراتيجية للتنمية المستدامة تمتد لسنوات وتعميمها لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق رفاهية المجتمع وأهداف الحد من الانبعاثات وتحديد الاستحقاقات المتداخلة؛ 2) عمل تشاور لأصحاب المصالح تجمع بين الهيئات الحكومية والمجتمع المدني وقطاع الأعمال والجامعات لموائمة الجهود وضمان التأييد. وبإمكان العديد من المدن داخل المنطقة العربية تطبيق هذه الدروس على عملية تخطيط المدينة؛ حيث قامت مدينة مصدر على سبيل المثال بصياغة رؤية جسورة لمستقبل مستدام. إن الاستفادة من تجربة سان خوسيه ومدن أخرى واعتمادها أهداف التنمية المستدامة من شأنه مساعدة مدينة مصدر وغيرها من المدن أن تتولى ريادة وضع معايير للتنمية الحضرية في المنطقة.

هذا ومع حرص الحكومات الوطنية على وضع مسارات طويلة الأجل للوفاء بالالتزامات العالمية (بما في ذلك تلك المنصوص عليها في اتفاق باريس للمناخ)، سيكون من الأهمية بمكان دعوة الحكومات دون الوطنية وأصحاب المصالح بالمناطق الحضرية إلى المشاركة. في الولايات المتحدة، يرى 8 من 10 من رؤساء البلديات مدى أهمية مواجهة مدنهم لتغير المناخ [6] . بينما يجب استكمال أطر العمل الوطنية المصاغة باستخدام نماذج عمل بسيطة للمدن وأن تكون أكثر ارتباطًا بالبنية التحتية والمجتمعات التي تؤثر بشكل أساسي على التغيير. تعتبر الحكومات دون الوطنية كما يتضح من الولايات المتحدة ومدن مثل سان خوسيه عناصر فاعلة في تحقيق غد أخضر والتحول إلى مستقبل منخفض الكربون.

المراجع:

[1] "انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون (بالأطنان المترية لكل فرد)"، مركز تحليل معلومات ثاني أكسد الكربون، قسم العلوم البيئية. بيانات البنك الدولي، مارس 2018https://data.worldbank.org/indicator/EN.ATM.CO2E.PC .
[2] "مصادر انبعاثات الغازات الدفينة" وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، مارس 2018، https://www.epa.gov/ghgemissions/sources-greenhouse-gas-emissions.
[3] “U.S. Cities are Home to 62.7 Percent of the U.S. Population, but Comprise Just 3.5 Percent of Land Area”, Newsroom, US Census, March 4, 2015, https://www.census.gov/newsroom/press-releases/2015/cb15-33.html.
[4] "ملحق أ- جرد الغازات الدفينة"، مذكرة جرد الانبعاثات على صعيد المجتمعات. 1 أبريل 2016، https://www.sanjoseca.gov/DocumentCenter/View/55505.
[5] "سان خوسيه، الذكية مناخيًا: خطة محورها البشر للتنمية المستدامة"، مدينة سان خوسيه، فبراير 2018، , http://www.sjenvironment.org/DocumentCenter/View/75034.
[6] "2018 استطلاع رأي رؤساء البلديات الأمريكية"، بلومبيرغ، مبادرة المدن الأمريكية، مؤسسة بلومبيرغ الخيرية، أبريل 2018، https://www.bbhub.io/dotorg/sites/2/2018/04/American-Mayors-Survey.pdf

سد الفجوة بين تكنولوجيا المعلومات، والاتصال، والمواطنين نحو مدن منخفضة الكربون
أليس كوروفيسي
خبيرة الشبكات والتسويق الرقمي في الشبكة
الاوروبية الخليجية لتقنيات الطاقة النظيفة.
البريد الإلكتروني: a.corovessi@eugcc-cleanergy.net
د/ هارس دوكاس
أستاذ مساعد، مختبر أنظمة دعم اتخاذ
القرار، كلية الهندسة الكهربائية والحاسوب،
جامعة أثينا التقنية الوطنية
البريد الإلكتروني: h_doukas@epu.ntua.gr

الملخص:

تمثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أداة تمكين مهمة ولا سيما في إطار عمليات بناء المدن الذكية المستقبلية في طريق سعي العالم حاليًا إلى اعتماد اقتصادات متطورة قائمة على مصادر طاقة منخفضة الكربون، فغالبًا ما يستخدم مديرو الطاقة والمرافق وشركات خدمات الطاقة والمتخصصين من أصحاب القرار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإصدار قراراتهم، إلا أنه يتم استبعاد شاغلي المباني من هذه العملية، ومن هنا جاءت القضية الأساسية لهذا المقال ليتناول إدماج المستخدمين النهائيين للطاقة في عمليات بناء المدن الذكية والدور الذي قد تلعبه التقنيات المتقدمة في تحسين حياة مواطني هذه المدن.

الكلمات المفتاحية:

مدن الطاقة الذكية، اقتصاد منخفض الكربون، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الإدارة الذكية للطاقة.

1.مقدمة

عادةً ما يتم تعريف المدن على أنها الحدود التالية لتطوير طاقة مستدامة، ويتجلى ذلك من خلال تمركز جهود العالم حاليًا نحو التنمية المستدامة والمبادرات المرتبطة بها على مستوى المدن، إذ تقوم هذه العمليات على أساس استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للحصول على حياة أفضل من حيث النوعية تنطوي على مشاركة فعالة من جميع الأطراف.1 ووفقًا لتوقعات شركة أي أتس سي تكنولوجي2 ، فإن عدد المدن الذكية، عالميًا، سيزداد ثلاثة أضعاف العدد الحالي خلال العقد القادم، إذ أرست الثورة الحديثة لإنترنت الأشياء (IoT) بالتزامن مع انتشار الأجهزة والمستشعرات الذكية الأساس لوضع منهجيات وأدوات مبتكرة تمكن سلطات المدن ومديرو الطاقة من رصد استخدامات الطاقة وإدارتها بطريقة أكثر فاعلية لتحقيق الأهداف المالية والبيئية والاجتماعية المنشودة.

وباعتبارها ركيزة أساسية للمدن الذكية، تشكل مدن الطاقة الذكية استراتيجية تنمية حضرية حديثة تقوم على هذه التقنيات المتقدمة التي يتم توظيفها في مجالات كفاءة الطاقة والاستدامة وذلك في سبيل إدراك اقتصاد منخفض الكربون.

إن تحسين استخدام الطاقة في المدن ومبانيها أصبح في هذه الأيام اتجاهًا واضحًا لمجالات البحث والأعمال، إلا أنه على الرغم من توافر العديد من المبادرات والحلول القائمة على تقنية الاتصالات والمعلومات، تركز معظم هذه المبادرات والحلول على مديري الطاقة والمرافق وشركات مجالات الطاقة والمتخصصين الذين بيدهم صنع القرارات التي تستند على ما يحصلون عليه من معلومات. إن أنظمة تقنيات الاتصالات والمعلومات المعمول بها في الشركات مثل (أنظمة إدارة الطاقة في المباني وتحليل العمليات) أنظمة معقدة ومتطورة للغاية لا يمكن للشاغلين العاديين التعامل معها (بما في ذلك الأسر والموظفين وغيرهم من شاغلي المباني). ولأغراض توفير الطاقة في مدن الطاقة الذكية، يجب اعتماد تدابير مناسبة لكفاءة الطاقة من جانب الغالبية العظمى من المستخدمين النهائيين. وفي هذا السياق، يمكن لحلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تقوم بالأساس على تقنيات إنترنت الأشياء أن تساهم بشكل كبير في توفير الطاقة وذلك من خلال تحفيز ودعم تغير سلوكيات شاغلي المباني والمستخدمين، إلا أن هذه العملية تستبعد وتغفل هذا الجانب المهم. وعلى الرغم من ازدياد وعي هؤلاء الشاغلين بقيمة الطاقة والحاجة إلى ممارسات مستدامة، تعكس سلوكياتهم ما يخالف ذلك.

أن أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تهدف إلى تبسيط مفاهيم أداء المباني وتوفير الحوافز والدعم الشخصيين تناسب إلى حد كبير معرفة هؤلاء الشاغلين وخبراتهم وهو ما من شأنه أن يساهم في إيضاح أثر تغيير سلوكياتهم في تقليل الاستهلاك وبالتالي خفض تكاليف الطاقة. ومن هنا جاءت أهمية استخدام تطبيقات رقمية مبتكرة ميسرة للاستفادة من بيانات قراءة العدادات الذكية وتحويلها إلى قيم لشاغلي المباني من خلال معلومات وتوصيات وحوافز مخصصة فعالة حول سلوكيات كفاءة الطاقة. هذه التطبيقات من شأنها تبسيط المعلومات المعقدة التي تقوم هذه الأنظمة بجمعها وتقديمها في صورتها البسيطة للمستخدمين النهائيين.

إن الهدف الأساسي من هذه المقالة هو تقديم إطار «المنهج المتمحور حول المستخدمين» وذلك لسد الفجوة القائمة بين شاغلي المباني وأدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الشركات عن طريق الاستفادة من بيانات العدادات والمستشعرات والأجهزة المنزلية الذكية وأراء المستخدمين النهائيين للطاقة، إلى جانب تقديم مجموعة من التطبيقات سهلة الاستخدام لتحويل بيانات العدادات الذكية إلى قيم أمام شاغلي المباني من خلال معلومات وتوصيات وحوافز شخصية فعالة ترتبط بسلوكيات كفاءة الطاقة.

2.الإطار المقترح

يُشار إلى أنه ثمة تأثير كبير للبيانات ذات الصلة بالطاقة وغيرها من البيانات التي يتم إعدادها واتاحتها في مدن الطاقة الذكية يرتبط بأداء عمليات تحليلية متنوعة تهدف إلى انخفاض معدلات استهلاك الطاقة في منشآت هذه المدن على النحو المطلوب. إن الجمع بشكل ناجح بين العمليات الذكية (الإدارة الآنية للاستهلاك والأتمتة الذكية ...إلخ.)

الشكل رقم (1) – تطبيقات متمحورة حول المستخدم

والتقنيات الذكية (التي تشمل على سبيل المثال: العدادات الذكية والأجهزة الذكية لإدارة الطاقة...إلخ.) من شأنه تمكين عمليات كفاءة استخدام الطاقة وتوفيرها، كما أن استخدام الأنظمة الذكية وأدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتطبيقات الذكية المرتبطة بالطاقة قد يعود بالنفع الكبير على المواطنين ولا سيما من خلال تمكين وعيهم بالطاقة وفهمهم العام لسلوكياتهم وتأثيرها على الطاقة. إن إدماج المستخدمين النهائيين في المناحي المرتبطة بمدن الطاقة الذكية قد يحدث تأثير كبير على الحد من استهلاك الطاقة وتكلفتها والبصمة البيئية، ويمكن تحقيق ذلك بالاستفادة من مجموعة البيانات التي تتم إتاحتها من خلال تقنيات إنترنت الأشياء والمنازل والمركبات والملابس وعدادات الطاقة إلى جانب البيانات المرتبطة بالظروف الجوية ومعدلات الطاقة في المباني وأراء شاغلي المباني وأسعار الطاقة وإنتاجها وغيرها من البيانات ذات الصلة.

وكما هو موضح في الشكل أعلاه، هناك ثلاثة تطبيقات متمحورة حول المستقدم من شأنها تمكين المستخدمين النهائيين من الانخراط في عملية تحقيق كفاءة الطاقة، حيث أنه من السهل استخدام هذه التطبيقات ودمجها مع الأنظمة والبنية التحتية القائمة لدعم وتحفيز سلوكيات استخدام الطاقة بشكل فعال. إن المبدأ العام لهذه التطبيقات يقوم على الاستفادة من البيانات والمعلومات المتنوعة وتحويلها إلى قيمة للمستخدم النهائي وذلك من خلال توصيات وحوافز شخصية قابلة للتطبيق من أجل كفاءة استخدام الطاقة. ويمكن تحديد وتقسيم الوظائف الأساسية للتطبيقات الذكية التي تلعب دورًا مهمًا في مشاركة وإدماج مستخدمي الطاقة إلى ثلاثة محاور رئيسة كالتالي: مراقبة مستويات الطاقة (التطبيق الذكي "Smart Tracker") وإدارة الطاقة (التطبيق الذكي "Action Plan") وحوافز سلوكيات كفاءة الطاقة (التطبيق الذكي "Reward").

تسمح التطبيقات الالكترونية التي تركز على المستخدم للشركات المتخصصة في مجالات الطاقة وخدماتها باكتساب العملاء والاحتفاظ بهم وتحسين رضائهم من خلال برنامج المكافآت المبتكر أعلاه وتقديم خدمات جديدة. ويُعد تطبيق إدارة الطاقة أداة مفيدة للشركات المتخصصة في مجالات الطاقة وخدماتها تُيسر من ضبط التطبيقات التي تركز على المستخدمين في المباني الجديدة والقائمة بالفعل وكذلك للأطراف الأخرى المعنية (مطورو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والشركات الأخرى التي توفر منتجات الطاقة) بهدف تطوير وظائف هذه التطبيقات أو ربطها بمنتجات أو برمجيات الغير (تصميم نماذج أعمال جديدة).

يعمل إطار الاتصال على تيسير عمليات الاتصال والتكامل وقابلية التشغيل البيني لملايين من الأجهزة المنتشرة في الأسواق حاليًا، وعلى هذا النحو، يُمكن للتطبيقات التي تركز على المستخدم التفاعل والتواصل مع الأنظمة والبيانات القائمة بشكل متكامل.

3.التطبيقات الذكية

نستعرض في القسم التالي التطبيقات الثلاثة التي تركز على المستخدم:

‌أ- مراقبة مستويات الطاقة (تطبيق "Smart Tracker")

يحتاج المستخدمون النهائيون الحصول على معلومات آنية ومحدثة من خلال صور مرئية ولوحات ومرشحات مناسبة سهلة الفهم تتناول:

• إجمالي استهلاك وتكلفة الطاقة وبصمة الكربون في المبنى.
• بيانات استهلاك الأجهزة للطاقة.
• معلومات محددة حول الأفراد أو السلوكيات.

كل هذا يُتيح للمستخدمين النهائيين مقدار الطاقة التي يستخدمها كل جهاز مثل الأضواء والإلكترونيات الاستهلاكية أو أي أحمال أخرى محددة كما أن هذا التطبيق يسمح بربط استهلاك أفراد محددين للطاقة مع سلوكياتهم والأحوال الجوية التي يعيشونها، وفي ضوء ذلك، يتطور وعيهم وإدراكهم للطريقة التي يتم بها استهلاك الطاقة وتفسيرها من ناحية التكاليف والبصمة الإلكترونية.

تساعد التوقعات والتنبؤات الموثوقة بشأن استخدام الطاقة وتكلفتها وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون على أساس يومي أو أسبوعي أو شهري أو موسمي أو سنوي والمقارنات بين القيم الفعلية والمتنبئ بها المواطنين على تحديد الطاقة المستخدمة والاستخدام المتوقع لبقية فترة الاستعراض، إذ تساهم هذه المعلومات في فهم موسمية استهلاك الطاقة بشكل أكبر وتنظيم الأنشطة المستقبلية وتطبيق الإجراءات المناسبة للحد من الاستهلاك المتوقع للطاقة بحيث لا يتجاوز المستويات والحدود المقررة.

يُمكن توضيح الرؤى الشخصية المتعلقة بالطاقة من خلال مقارنات فعالة وواقعية لمستويات استخدام الطاقة مع تلك التي تخص أشخاص آخرين في نفس الموقع في ذات المباني أو غيره يتمتعون بخصائص مشابهة وذلك لمعرفة وضع كل مواطن من حيث كفاءة الطاقة في مقارنة مع أخرين من نفسك المستوى وكذلك لتحديد السلوكيات الشاذة أو إمكانات الكفاءة ووضع أهداف مجدية.

‌ب- إدارة الطاقة (تطبيق "Action Plan")

يتطلب وجود نظرة عامة مفصلة حول طريقة استهلاك الطاقة، والتكلفة، والبصمة الكربونية لزيادة الوعي، ولكنها ليست كافية لكي تؤدي إلى اتباع سلوك فعال للطاقة، وتوفير الطاقة بشكل كبير. قدرة مستخدمي الطاقة النهائيين على الحصول على نصائح واقتراحات شخصية، واقعية، مقنعة لتوفير الطاقة خاصة بكل من الفترة والجهاز المستهدف (مثال، يقترح النظام عند بدء فترة استخدام المدافئ طرق لتوفير كل من الطاقة والمال عند استخدام نظام التدفئة) وهو أمر بالغ الأهمية.

عمليات تحليل البيانات الذكية المستندة على معرفة الخبراء، وقواعد الاستدلال، ونماذج الطاقة تعتبر من النقاط الرئيسة لتوليد اقتراحات شخصية قصيرة الأجل (يومية / أسبوعية) أو طويلة الأجل قابلة للتنفيذ. يمكن إجراء هذه العملية التحليلية على مختلف المعلومات التي يتم جمعها من أنظمة مراقبة طاقة البناء، ونماذج التنبؤ المطبقة، وخدمات جمع البيانات الخاصة بالحالة الجوية، ومصادر بيانات أخرى محتملة. يمكن أن يكون الناتج المتوقع استلام إشعارات مقنعة وذلك عندما يتجاوز استهلاك الطاقة حد معين، وتكون مصحوبة بتفاصيل تشمل الأجهزة والأنظمة التي أدت إلى فرط استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى توصيات حول كيفية تقليل ذلك. يمكن أن يكون قائمة على الاستخدام اليومي الخاص بالمستهلك، مثل التوصيات الخاصة بالإشراف على نقل الحمولة، والاستفادة من الوقت المستغرق في تشغيل نظام التبريد/ التدفئة مع الأخذ في الاعتبار التنبؤ بدرجة حرارة الهواء بالداخل، ومستويات الإشغال للمبنى، ووضع جدول لتحديد نقطة درجة الحرارة من خلال الأخذ في الحسبان الراحة الحرارية كما هو معروض من قبل الشاغلين، ومفهوم الراحة التكيفية، وتنظيم جدول يحتوي على كمية الهواء الخارجي الذي سيتم استخدامه لتبريد البيئة الداخلية بهدف تقليل أو القضاء على الحاجة لاستخدام أدوات التبريد الميكانيكية، وما إلى ذلك.

يعد إشراك المستخدم النهائي مهم للغاية وذلك فيما يتعلق بتوصيات كفاءة توليد الطاقة لتحديد ما يفضله، وقدراته، والعقبات. يساعد ذلك على إنشاء سيناريو وقواعد مخصصة، وإدخالها في العمليات التحليلية، ويساهم التنفيذ الإلكتروني الممكن في إضفاء الشعور بالأمن والرفاهية. يتم الحصول على تعقيبات المستخدمين حول تصورهم للظروف الحالية فيما يتعلق بالإحساس الحراري الذي يتم معرفته أيضًا وإدراجه مع الوعي بالسياق المحتمل للبيئة المحيطة بواسطة الأنظمة الذكية وذلك لضمان رفاهية وراحة المستخدم.

‌‌ج- حوافز لكفاءة الطاقة السلوكية (تطبيق "Reward")

على الرغم من وجود التوصيات والمبادئ التوجيهية لكفاءة الطاقة فهي ليست كافية، وينبغي أن تخطو مشاركة المستهلك النهائي المستخدم للطاقة خطوة نحو الأمام. يكمن التحدي الحقيقي في توفير حوافز هادفة وحقيقية، وعلى هذه الدوافع أن تحدث فارق بالفعل وذلك فيما يتعلق بالأهمية النسبية للمستخدمين النهائيين، وتحقيق ما هو أكثر من خفض طفيف في تكلفة الطاقة أو منح الشعور بالمساهمة البيئية المتواجدة كشكل من أشكال التحفيز ولكنها لا تتميز بأهمية كبيرة. يوجد طريقة جديدة نسبيًا في آليات الحوافز وهي فكرة برامج المكافأة باستخدام العملات3 ، وقد تم اقتراح عدد من الطرق ذات الصلة لتقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون مثل إرجو 4 (Ergo) ، والعملة الرقمية CarbonCoin وكذلك إمدادات الطاقة المتجددة والتي تتمثل بشكل رئيس في العملة الرقمية SolarCoin. بينما تم تناول المقترحات الخاصة بالقضايا البيئية تم إغفال قطاع كفاءة الطاقة لذا ينبغي دراسة الرابط بين كل من السلوك الموفر للطاقة وكسب العملات الرقمية وإضفاء صفة رسمية على ذلك.

في هذا السياق، يتم تقديم تطبيق Reward لتحفيز كفاءة الطاقة السلوكية، حيث أن المستخدمين النهائيين للطاقة قادرين على كسب العملات من خلال تقليل استهلاكهم للطاقة أو تحويله. ترتبط العملات التي تم الحصول عليها بالاستهلاك الفعلي للطاقة مقارنة بالاستهلاك المتوقع للطاقة (تطبيق " Smart Tracker")، وكذلك الكمية اليومية التي تم توفيرها من الطاقة من قبل المستخدم النهائي (نتيجة لتنفيذ المعلومات الشخصية الخاصة بتطبيق "Action Plan"). تختلف قيمة العملة بين المستخدمين النهائيين وذلك وفقًا لبيانات الطاقة وتوفير الطاقة الخاصة بهم، بالإضافة إلى الوقت الذي تم فيه توفير هذه الطاقة (تزيد قيمة العملة في حال تم توفير الطاقة في ساعة ذروة استخدامها)، وتحدد القيمة أيضًا من خلال عمليات توفير الطاقة المطلقة للفرد، وما حققه بقية المستخدمين النهائيين لشركة طاقة محددة التي تطبق مثل هذا التطبيق. يحصل المستخدم النهائي لكل 1 كيلو واط /ساعة لتخفيض استهلاك الطاقة على عدد من العملات التي يمكن استخدامها لتقليل تكلفة الطاقة النهائية من خلال دفع جزء من الفاتورة أو الفاتورة بأكملها إلى شركة الطاقة. تمكن هذه الطريقة الخاصة بإعداد الفواتير بطريقة ديناميكية شركة الطاقة من تحفيز المستخدمين لاتباع خطة العمل الخاصة بكفاءة الطاقة.

3.1 التصميم الهيكلي

يدمج التصميم الهيكلي العام النماذج التالية (الشكل 2):

• إطار الاتصال: يعمل إطار الاتصال على مد الاتصال، والتكامل، وإمكانية التشغيل المتداخل. تؤكد هذه الوحدة أن كل نظام فرعي قادر على الوصول إلى البيانات المطلوبة بطريقة موحدة، ويمكن أن تمر جميع البيانات المطلوبة بصيغة موحدة. تم تنفيذ مجموعة من واجهات برمجة التطبيقات، وخدمات الويب المحددة بالكامل وإتاحتها لكل من المكونات الداخلية أو الخارجية التي نحتاجها للوصول إلى البيانات بهدف تمكين طريقة قياسية لاتصالات عالية المستوى وبروتوكول التفاعل بين الأدوات المختلفة وذلك لضمان إمكانية التشغيل التفاعلي المناسبة، ويمكن ذلك الاستقلالية المنشودة بين التطور الخاص بمختلف التطبيقات، والخدمات، إجراء الوصول إلى البيانات، وبالتالي يمكن للتطبيقات الخاصة بالجهات الخارجية الاتصال مباشرة بالبرمجيات الوسيطة باستخدام واحد من المعايير المحددة، وفي نفس الوقت، لن يتطلب أي تغيير محتمل يطرأ على إجراء الوصول للبيانات أي اعتماد من قبل التطبيقات.

الشكل 2: التصميم الهيكلي العام

• المحركات: تعتبر المحركات مجموعة من مكونات البرمجيات المستقلة المتعددة، وكل منها مسؤول عن تنفيذ جزء من الإجراء الوظيفي المقترح. يعمل كل محرك على توفير خدمة ويب مفتوحة ومحددة بالكامل للتطبيقات بهدف التعامل مع الطلبات الخاصة بهم وتقديم النتائج المطلوبة. تتمثل المحركات في الآتي: محرك " Smart Tracker"، ومحرك " Action Plans"، ومحرك " Reward"، ومحرك " Management".

• تطبيقات تغيير السلوكيات الخاصة بالويب والمحمول: يمكن تطوير التطبيقات الخاصة بالويب والمحمول التي تعمل على نظام iOS، وأندرويد باستخدام أطر التطوير عبر المنصات، ويعتمد ذلك على التقنيات القائمة على الجافا سكريبت التي تعمل على تسهل تطوير البرمجيات دون المساس بالجودة، وتسمح بتطوير التطبيق التفاعلي. تتواصل جميع التطبيقات مع المحركات بطريقة موحدة من خلال استخدام خدمات الويب التي تقدمها، ويهدف كل ذلك إلى دعم التغيير السلوكي الخاص بالمستخدمين.

4.الاستنتاج

تخلق الطبيعة متعددة التخصص التي تتسم بها البيانات المتوفرة الحاجة إلى تطوير المخططات، والهياكل المقبولة عامة، بالإضافة إلى تحسين الاتصال، وإمكانية التشغيل التفاعلي بين مصادر البيانات المختلفة وذلك بهدف تمكين تكاملها الفعال. ينبغي على حلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دمج كل من المفاهيم، والتقنيات من التشكيل السلوكي للطاقة، وتقنيات التغيير السلوكي، والمدن الذكية، والاستغلال الأمثل للطاقة، بالإضافة إلى الأخذ في الاعتبار المجموعات المختلفة من المتغيرات كالسلوك ذو الصلة بالطاقة، وخصائص البناء، وكذلك التغييرات الشخصية، والاجتماعية الديمغرافية، والمزيد.

يتمثل دور التطبيقات الرقمية المقترحة في هذا السياق في سد الفجوة بين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للشركات وأصحابها، وتبسيط تعقيد المعلومات التي تعمل هذه الأنظمة على جمعها ووضعها في متناول يد المستخدمين النهائيين للطاقة. تعمل تطبيقات تغيير السلوك الشخصية على تسهيل الطاقة للمستخدمين النهائيين بهدف:

• معرفة إجمالي الطاقة المستهلكة، وما هي مساهمة المستخدم النهائي، والآخرين في ذلك.
• الحصول على توصيات مخصصة خاصة بخطط العمل للمحافظة على الطاقة، وتحويل الأحمال، بالإضافة إلى تقدير تأثيرهم على الطاقة المستخدمة، وراحة المستخدم.
• التحفيز على تغيير السلوك تجاه المحافظة على الطاقة.

يمكن للإطار المقترح دعم شركات الطاقة من الشبكة الاوروبية الخليجية لتقنيات الطاقة النظيفة بهدف الوصول الى مستهلكي الطاقة والإبقاء عليهم، وتحسين رضا المستهلك من خلال برنامج مكافأة مبتكر. يشكل ذلك مجال اهتمام مشترك الذي يعمل على تعزيز التعاون الفعال بين من مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوربي في مجال الطاقة النظيفة من خلال استخدام طرق مبتكرة لكفاءة الطاقة السلوكية.

إقرارات:

وضعت هذه المقالة ضمن إطار مشروع "الشبكة الاوروبية الخليجيى لتقنيات الطاقة النظيفة – رقم الاتصال بأدوات السياسة الخارجية PI/2015/370817 (http://www.eugcc-cleanergy.net). يتحمل مؤلفي هذا المستند مسؤولية محتواه وحدهم، ولا يعكس هذا المستند بالضرورة آراء المفوضية الأوروبية.

1 ﻛﻲ ﺑﻲ إم ﺟﻲ. دبي – نموذج جديد للمدن الذكية، 2015.
2 بحسب توقعات آي أتش أس تكنولوجي، يزداد عدد المدن الذكية بأربعة أضعافها في الفترة من 2013 إلى 2025. متاحة من خلال الرابط التالي:
http://press.ihs.com/press-release/design-supply-chain-media/smart-cities-rise-fourfold-number-2013-2025, 2014 (accessed 15 March 2016).
3 سجوريديس إس. استخدام الطاقة كعملة: إعادة إنشاء رابط بين كل من العالم المالي والحقيقي، نيت إند كوارت 41، صفحة 8-11، 2012.
4 سجوريديس إس، كينيدي إس، الطاقة المادية والقابلة للاستبدال: سوق الطاقة الهجين، ونظام العملة لإدارة الطاقة الكلية. دراسة الحالة الخاصة بمدينة مصدر، سياسة الطاقة، 2010، 38:1749-1758.

توليد الطاقة من النفايات: حل نظيف في عصر الطاقة المتجددة
مانيولا هولينجر
رئيس الاتصالات
هيتاشي زوسن إنوفا زيورخ
البريد الإلكتروني: manuela.hoellinger@hz-inova.com
روني أرايجي
مدير الإدارة
هيتاشي زوسن إنوفا فرع أبوظبي
البريد الإلكتروني: roni.araiji@hz-inova.com

لا يمكننا إغفال مشكلة التغير المناخي والاقتصاد الذي لا يعتمد على الكربون والطاقة المتجددة، فتلك المشكلات تتصدر موضوعات النقاش العام في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت ذاته يزداد حجم النفايات على نحو غير متكافئ وبوتيرة أسرع مقارنة بتعداد سكان العالم، فالنفايات ما هي إلا نتاجًا حتميًا للحياة الحديثة، ولكن تلك المشكلة تعتبر مصدر تهديد إذا خرجت عن نطاق السيطرة، وحسب تقرير البنك الدولي، فإن الإنتاج العالمي للنفايات سيبلغ 2.2 بليون طن متري سنويًا بحلول عام 2025، مقابل 1.3 بليون في عام 2010، وترجع تلك الزيادة المهولة إلى تطور الاقتصاد العالمي والنمو السكاني والتوسع الحضري، وعلى نحو موازٍ مع كمية النفايات، ثمة العديد من مواطن الضعف التي تواجه معالجة النفايات، فمدافن النفايات تعمل على تشويه الأحياء السكنية، كما أنها لا تتيح المجال للاستخدام المستدام للنفايات، وتلوث المياه الجوفية والغلاف الجوي على مدى العقود القادمة، وتشير الأرقام إلى أن حوالي 10% من الغازات الدفيئة على مستوى العالم نابعة من مدافن النفايات.

تقنيات مثبتة في طريقها للتقدم لمعالجة النفايات


يسعي عدد متزايد من البلدان والمناطق إلى حل تلك المشكلات عن طريق إيجاد حل شامل وهو توليد الطاقة من النفايات، ويتضمن ذلك إما جمع النفايات المنزلية الصلبة وفصلها عن باقي النفايات أو تصنيفها قبل معالجتها في مصنع توليد الطاقة من النفايات، وفي الوقت ذاته، يتم التوجه إلى إعادة استخدام الطاقة الموجودة في النفايات غير القابلة لإعادة التدوير بالإضافة إلى المواد المستعادة من المخلفات القابلة لإعادة التدوير وإدخالها في الدائرة الاقتصادية من جديد.

ويوجد نوعان من تلك العملية: العملية الحرارية والعملية البيولوجية، فمن أكتر الطرق انتشارًا للمعالجة الحرارية للنفايات هي ترميد النفايات، بحيث لا يوجد أي سبيل لإعادة تدويرها، وتسهم هذه الطريقة في تقليل حجم النفايات بحوالي 85%، فيتم إزالة الملوثات وتحييدها عن طريق إجراء عملية معالجة معقدة لغاز المداخن تخضع لحدود قصوى وشروط صارمة من السهل أن يتبعها أي مصنع توليد طاقة من النفايات أو حتى يحسنها.

في نفس الوقت، يولد المصنع الطاقة باستخدام الحرارة الناتجة من عملية الاحتراق لإنتاج البخار الذي يمر من خلال توربينات تحت ضغط مرتفع، يمكن للطاقة المولدة تغذية شبكة الطاقة على أنها كهرباء أو تغذية شبكات التدفئة القطاعية على أنها حرارة، وتُستخرج المواد الحديدية وغير الحديدية من رماد القاع ويتم تغذية دورة إعادة التدوير، أما المخلفات الأخرى فيتم استخدامها في بناء الطرق أو يتم التخلص منها بطريقة آمنة.

ويثبت تاريخ توليد الطاقة من النفايات أن التقنيات أصبحت فعالة ومستدامة، ففي بادئ الأمر، كان ينصب الاهتمام على النفايات بجعلها أكثر أمنا من الناحية الصحية، وبعد ذلك اختلف الأمر وأصبح التركيز على المسائل المادية والاعتبارات البيئية، أما في هذه الأيام، فإن الأولويات المستهدفة هي كفاءة المصنع ومعدلات السلامة به وتأمين عمليات التشييد والتشغيل، فقد كانت المحطات الحديثة لتوليد الطاقة من النفايات التي أنشئت لأول مرة في الثمانينيات والتسعينيات تتجه إلى التركيز في المقام الأول على تقديم أداء عالي الجودة فيما يتعلق بالقدرة الإنتاجية للنفايات، فالعديد من التطورات التي كانت بمثابة ابتكارات في تلك الأيام تعد الآن أمرًا مسلمًا به في المحطات المعاصرة لتوليد الطاقة من النفايات.

وخلال الفترة نفسها، كانت القضايا البيئية تتزايد أهميتها، كما أعاد المجتمع النظر في علم البيئة وتحول محط التركيز على توافق التقنيات المستخدمة في محطات توليد الطاقة من النفايات مع البيئة، وحينئذ شجع أصحاب المحطات إحراز تقدم كبير في معالجة غاز المداخن والقيام بعملية ترميد النفايات بطريقة فعالة، وهو الأمر الذي أدى إلى مساهمة منشآت توليد الطاقة من النفايات في تخفيض نسبة الانبعاثات بشكل كبير مقارنة بالمحطات التي تعمل بالفحم، وقد وصلت تلك المحطات الآن إلى مستوى عالٍ فيما يخص التقنيات المستخدمة، إلى جانب إحرازها الكثير من التقدم على الصعيد البيئي وكفاءة استخدام الطاقة، كل ذلك ساهم في جعل توليد الطاقة من النفايات مصدراً مهماً لإنتاج طاقة حمل أساسي متجددة.

مصنع أوسلو لتوليد الطاقة من النفايات في أوسلو، النرويج

محطات توليد الطاقة من النفايات جزء من المدن الحديثة

إيسي ليه مولينو، محطة توليد طاقة في باريس، فرنسا

تبنت العديد من عواصم العالم تقنيات توليد الطاقة من النفايات، فتوجد محطات لمعالجة النفايات في عدة عواصم أوروبية، بما في ذلك إيسي ليه مولينو في باريس وريفرسايد في لندن وبولبيرج في دبلن وغيرها من المحطات في أوسلو وإدنبرة.

فالنفايات في باريس يتم معالجتها داخل المنشآت المطلة على برج أيفل، بما في ذلك محطة إسيان لتوليد الطاقة من النفايات، فالمنظر الخارجي للمبنى يوحي بأنه مركز تسوق وليس منشأة عالية الكفاءة لمعالجة النفايات، ومن الداخل يعمل بأحدث الأساليب التقنية المتطورة، مع وجود خطي احتراق مخصصين لمعالجة 460,000 طن متري من النفايات سنويًا بغرض توليد الكهرباء وإمداد حوالي 80,000 منزل بالتدفئة القطاعية – أي ما يعادل 110,000 طن متري من زيت التدفئة، وتقع معظم التركيبات التقنية تحت الأرض، ويعد ذلك من أحد المميزات لمنع وصول التلوث الضوضائي والانبعاثات للمناطق السكنية المجاورة للمحطة.

على غرار محطة باريس، فمركز ريفرسايد لاستعادة الموارد في لندن الواقع على ضفاف نهر التايمز يتميز بكفاءته وتمتعه بمعدلات السلامة كما أنه صديق للبيئة، فالواقع المتمثل في أن النفايات غير القابلة لإعادة التدوير يتم نقلها عبر نهر التايمز باستخدام مراكب للبضائع يدل على أن عدد الشاحنات في شوارع شرق لندن انخفض بواقع 100,000، وكل ذلك يصب في مصلحة المنطقة المحيطة بالمنشأة، فخطوط الاحتراق الثلاثة الموجودة في المحطة تعمل على استهلاك 585,000 طن متري من النفايات وتوليد 65 ميجاواط من الكهرباء سنويًا، وهي كافية لتغطية احتياجات 66,000 منزل.

محطة ريفرسايد لتوليد الطاقة من النفايات في لندن، المملكة المتحدة

فالمحطات التي تعتبر جزءاً أساسياً من المنظر الطبيعي في شمال ووسط أوروبا تلقى قبولًا في المناطق التي حتى الآن يندر أو حتى ينعدم فيها وجود محطات لتوليد الطاقة من النفايات، فمع ظهور مشكلة إسطنبول مع القمامة على الساحة في السنوات الأخيرة، أعلنت تركيا بأنها تنوي بناء أكبر محطة توليد طاقة من النفايات في أوروبا، ويعد ذلك تطورًا ليس على نطاق المدينة فحسب، بل على نطاق المنطقة بأكملها، ويتوقع أن تعالج المحطة في المستقبل ما يقرب من 15% من نفايات إسطنبول، وأن تسهم في توليد 70 ميجاواط من الكهرباء باستهلاك 1,000,000 طن متري من النفايات سنويًا، ويعد ذلك من إحدى الخطوات المهمة التي ستدفع المدينة نحو الإدارة المستدامة للنفايات، فمن المتوقع أن تشارك المحطة في إزالة حوالي ربع حجم المخلفات الموجودة في الاتحاد الأوروبي.

وبالإضافة إلى تنظيف البيئة الطبيعية والمعيشية وتحسينها، سيسهم ذلك المشروع الضخم في تحسين اقتصاد المنطقة، فالأمر لا يتمحور فقط حول إنتاج الموردين المحليين لما يزيد عن 20% من المكونات، ولكن سيقوم موظفون مهرة من المنطقة بكافة أعمال البناء.

مساهمة دبي في خلق بيئة مستدامة: إنشاء أكبر محطة لتوليد الطاقة من النفايات في العالم

تم الإعلان في دبي عن أحدث مشروع رئيس لتوليد الطاقة من النفايات مؤخرًا في فبراير 2018؛ حيث سيبدأ تشغيل أكبر محطة في العالم لتوليد الطاقة من النفايات حتى الآن في عام 2021. تعتبر دبي واحدة من أسرع المدن نمواً في العالم. تسعى الإمارة المطلة على الخليج العربي جاهدةً لجعل اقتصادها مزدهرًا مستدامًا قدر الإمكان كما تسعى بالمثل إلى الاستثمار بشكل متزايد في المشاريع الخضراء. وقد أطلقت دبي مجموعة من المشاريع المصممة لتحسين البيئة والحفاظ عليها وحماية الموارد الطبيعية مثل مشروع خطة دبي الاستراتيجية لعام 2021، والأجندة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2021، واستراتيجية دبي المتكاملة للطاقة لعام 2030، واستراتيجية دبي للطاقة النظيفة لعام 2050. ثمة مشاريع أخرى نفذتها الدولة تهدف إلى تشغيل المصادر المتجددة في كافة أنواع الطاقة في دبي. حددت الإمارات العربية المتحدة لنفسها هدفاً شاملاً طموحاً يرمي إلى تحقيق أقل نسبة من انبعاثات الكربون في العالم بحلول عام 2050.

سيبدأ تشغيل محطة توليد الطاقة من النفايات في دبي في عام 2021، وستعالج المحطة ما يصل إلى 1,825,00 طن من النفايات سنويًا، وستولد 171 ميجاواط من الكهرباء.

وقد بذلت مدينة دبي بالفعل جهودًا قصوى كجزء من استراتيجية الاستدامة السالف ذكرها، بما في ذلك منشأة دبي لاستعادة الموارد، وهي محطة جديدة تم إنشاؤها مؤخرًا وتمثل نقطة تحول رئيسة في تحقيق الأهداف الموضحة أعلاه. ومن المقرر أن يتم تشغيل المنشأة، التي ستقوم شركة هيتاتشي زوسين إنوفا السويسرية بتشييدها بالتعاون مع شركة البناء البلجيكية بيسيكس، في عام 2021. ومن هذا المنطلق، سيقوم المصنع بمعالجة 5,000 طن متري من النفايات البلدية من منطقة دبي في اليوم – أي ما يعادل 1,825,000 طن متري سنوياً - لإنتاج الطاقة المتجددة. وسيتم تغذية 171 ميجاواط من الكهرباء المولدة في الشبكة المحلية كطاقة شحن الحمل الأساسي، مما يوفر طاقة منزلية تزيد عن 120,000 أسرة.

سيمثل المشروع خطوة رئيسة في جهود المنطقة الرامية إلى الإدارة المستدامة والصديقة للبيئة من أجل وجود مدينة عالمية تنمو باطراد نحو المستقبل. ونظراً لدور دبي الرائد، هناك جهودًا أخرى لتطوير المزيد من مشاريع توليد الطاقة من النفايات، بحيث تمثل التكنولوجيا حلًا من الدرجة الأولى يتيح إدارة النفايات النظيفة وتوليد الطاقة المتجددة.

المدن منخفضة الكربون، وأهمية نمط الحياة
الدكتور وائل صمد
استاذ مساعد في الهندسة الميكانيكية
معهد روتشستر للتكنولوجيا – دبي
البريد الالكتروني: wascad@rit.edu

تتركز نسبة عالية من انبعاثات الكربون في المدن بصفة خاصة نتيجة وجود أعداد هائلة من البشر يقيمون ويعملون بها. وطبقًا للإحصائيات، ما يزيد عن %50 من سكان العالم يعيشون في المدن، كما أنه من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى %65 بحلول عام 2050 وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. وعلى خلفية الأوضاع الراهنة، تُعد المدن مسؤولة عن %70 تقريبًا من إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة، مما يضع قدراً كبيراً من المسؤولية على عاتق المدن وسكانها للحد من نسبة انبعاثات الكربون.

أخصائيو البيئة، والمعلمين، وصانعي السياسات، والمشرّعين، والمواطنين بغض النظر عن مهنتهم، مسؤولون عن الحفاظ على مدينتهم وبيئتهم .

التحديات في ظل اللجوء إلى حلول تخفيف الانبعاثات الكربونية القائمة على التكنولوجيا

تبنت المدن المتطورة العديد من وسائل الحد من الانبعاثات الكربونية من بينها التخفيف القائم على التكنولوجيا هادفةً إلى تحقيق وجود "مدن منخفضة الكربون". وقد أدى اتباع النهج الهادف إلى التغيير إلى الإقبال المتزايد على استخدام مصادر الطاقة غير الأحفورية من خلال استخدام الطاقة النووية والطاقة .المتجددة كبديل. في حين أن ذلك لا يتناوله السياق الحالي، إلا أنه من الجدير بالذكر وجود تراجع واضح في نسبة استخدام الطاقة النووية، ومما يؤكد ذلك التقرير الصادر عن شركة بريتيش بتروليوم (شركة بريطانية تعتبر ثالث أكبر شركة نفط خاصة في العالم)، حيث أفاد التقرير بتراجع حصة الطاقة النووية تراجعًا ملحوظًا في إنتاج الكهرباء على مستوى العالم على مدار العقدين الماضيين. علاوةً على ذلك، فبينما تحظى الطاقة المتجددة بإمكانيات كبيرة إلا أن مصادر الطاقة ذات الإنتاجية العالية مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية تواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بتخزين الطاقة.

يرجع ذلك إلى طبيعتها المتغيرة، حيث تعتمد مصادر الطاقة السالف ذكرها على المواقع الجغرافية وتغير الظروف المناخية.

وقد أدى ذلك لاحقًا إلى حدوث تحول كبير في الجهود البحثية، حيث يتم الآن توجيه المزيد من التركيز نحو تخزين الطاقة من أجل استخدام أمثل وأكثر فاعلية للطاقة المتجددة. وبالتالي، فإن العقبة الرئيسة التي تواجهها المدن منخفضة الكربون تتمثل في عدم القدرة على تخزين الطاقة المُنتَجة من الطاقة المتجددة بحيث يمكن استخدامها بشكل أكثر فعالية. وبعبارة أخرى، يتم استخدام الطاقة المُنتَجة (عبر الاتصال المباشر بالشبكة على سبيل المثال) وإلا يتم فقدانها ببساطة. وبما أن متطلبات واحتياجات الطاقة في المدينة لا تتطابق بالضرورة مع الوقت الذي يتم فيه إنتاج الطاقة المتجددة، فمن الأفضل تخزين الطاقة لاستخدامها عند الحاجة إليها بالفعل. تدرك وكالات التمويل الكبرى هذه المشكلة وتضعها في الحسبان، وقد ركزت الأبحاث الحديثة على منظور تخزين الطاقة بدلاً من الاتجاه المشترك لتحسين كفاءة التقنيات المتجددة.

أدى الاعتماد المتزايد على موارد الطاقة المتجددة إلى ظهور تحديات جديدة فيما يتعلق بتخزين الطاقة.

ثمة وسيلة أخرى قائمة على التكنولوجيا لتخفيف الانبعاثات وزيادة كفاءة جميع الأجهزة التي تستخدم الطاقة تتمثل في تصميم الآلات الثقيلة والمركبات بالإضافة إلى أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء والهواتف الذكية. وعلى الرغم من تحقيق بعض الإنجازات في كفاءة المنتجات في بعض القطاعات، إلا أن كفاءة الطاقة الكاملة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار السلسلة الإجمالية لإمدادات الوقود، وليس فقط تلك المتعلقة بالمنتج نفسه. وعلى سبيل المثال، فإن المساهمات التي تعمل على زيادة إنتاج الطاقة قد تحد من عملية توفير الطاقة نتيجة تحسين كفاءة استخدام الأجهزة.

يتناول هذا النوع من التحليل، المعروف باسم تقييم دورة الحياة، جميع التأثيرات البيئية المرتبطة بجميع مراحل دورة حياة المنتج؛ بدءاً من استخراج المواد الخام، إلى معالجة المواد وتصنيعها، وصولًا إلى التوزيع والاستخدام، يليه الإصلاح والصيانة، لتنتهي بمرحلة التخلص وإعادة التدوير. لا يمكننا القول بأن هذا ينطبق فقط على ألواح الطاقة الشمسية والخلايا الكهروضوئية. فبالمثل، ينطبق ذلك على السيارات الكهربائية؛ وبشكل أكثر تحديدًا، ينعدم وجود انبعاثات في السيارات الكهربائية التي تخرج من أنبوب عادم السيارة، ولكن لا ينطبق هذا على مرحلة الإنتاج. يعتبر عدم الوضوح بخصوص هذا الشأن تضليلًا للعامة مما يترتب عليه آثارًا سلبية بخصوص مصداقية طول العمر الافتراضي للمنتج.

يُعد الافتقار إلى الوضوح في تقييم دورة حياة التقنيات الجديدة منخفضة ومنعدمة الانبعاثات أمرًا مضللًا لعامة الناس وينتج عنه آثارًا سلبية فيما يتعلق بمصداقية طول العمر الافتراضي للمنتج.

ما مدى أهمية نمط الحياة في إطار المدن الذكية؟

في حين أن معظم جهود البحث والتطوير موجهة نحو الحلول القائمة على التكنولوجيا بهدف إيجاد مدن ذات انبعاثات كربونية منخفضة، إلا أن هناك أدوارًا معينة ينبغي القيام بها من قبل المدن وسكانها على المستوى الشخصي والجماعي. وبوجود البيانات الحديثة المتصلة، تحظى المدن بفرصة حقيقية للاستفادة من هذه البيانات في محاولة لتقديم نموذج مثالي لمدينة منخفضة الكربون. تمثل بيانات العدادات السكنية الذكية إحدى الأمثلة على البيانات الحديثة المتصلة. باستخدام البيانات الصحيحة وعرضها، يصبح سكان المدن أكثر إدراكًا لعادات استهلاك الطاقة وما يترتب عليها من عواقب على مدينتهم.

من بين الحقائق التي يتم تجاهلها، أنّ سكان المدينة يمثلون جوهر المدن الذكية، وتعتبر سلوكياتهم وأنماط حياتهم ذات أهمية بالغة فيما يتعلق بالحد من انبعاثات الكربون في مدينتهم.

تتضمن بعض السلوكيات الأكثر فاعلية في خفض انبعاثات الكربون ما يلي:

- إعادة تدوير الورق والزجاج والبلاستيك في مكان الإقامة الخاص بكل مواطن.
- إيقاف تشغيل الكمبيوتر عند عدم استخدامه و / أو استخدام خاصية الإيقاف المؤقت.
- استخدام وسائل النقل العام، أو الاشتراك في ركوب السيارات الخاصة و/أو ركوب الدراجات.
- عدم استخدام الكؤوس والصحون والأواني القابلة للاستخدام مرة واحدة.
- إطفاء المصابيح، وضبط درجات حرارة الترموستات وخلافه.

من السهل تناول التوصيات الخاصة بأنماط الحياة المذكورة آنفًا نظرياً، إلا أنه من الصعب تنفيذها على أرض الواقع؛ حيث تفتقر المدن التي تسعى إلى تحقيق نموذج المدن منخفضة الكربون إلى السياسة وإطار العمل اللازمين لتحقيق ذلك.

يتعين على صانعي السياسات وضع اللوائح والحوافز المناسبة لخلق التآزر والمشاركة في إيجاد مدينة أكثر خضرة واستدامة. قد تتمثل المبادرات الأخرى في هيئة ملصقات بيئية وحملات إعلامية وضرائب ودعم حكومي، ويُتوقع أن تحفز جميعها سكان المدينة على تغيير سلوكياتهم لصالح استخدام المنتجات منخفضة الكربون.

الملخص:

شهدت المدن منخفضة الكربون تطوراً هاماً في تكنولوجيا الطاقة المتجددة حيث تسعى تلك المدن جاهدةً للحد من استخدام الوقود الأحفوري، ومن ثمّ تقليل الآثار المترتبة على انبعاثات الكربون. ومع ذلك، ثمة العديد من التحديات تواجهها هيئات البحث والتطوير عندما يتعلق الأمر بتخزين الطاقة بالإضافة إلى إدراك مسألة تقييم العمر الافتراضي الخاص بتكنولوجيا التقنيات المتجددة الحديثة.

يتبين لنا من جميع ما سبق ذكره، أن أنماط حياة سكان المدينة تعتبر مهمة للغاية؛ فثمة مساحة كبيرة للعمل على خفض انبعاثات الكربون بناءً على تعديلات طفيفة في سلوكياتنا اليومية. في الواقع، يمثل ذلك محور فكرة المدينة الذكية؛ حيث تعد المدينة ذكية فقط عندما يعي سكانها الطرق المثلى لاستخدام التكنولوجيا بمسؤولية تامة بدلًا من كونهم مجرد مستهلكين للتكنولوجيا.

المزايا المتعددة لإعادة تهيئة مباني الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي
الدكتورة / كانكانا دوبي
باحثة مستقلة
الأستاذ الدكتور / منصف كرارتي
جامعة كولورادو

مقدمة

في السنوات العشر الماضية، ازداد إجمالي معدل الاستهلاك النهائي للطاقة في المباني السكنية في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير، متجاوزًا الزيادة السكانية. في الواقع، ارتفع استخدام الفرد من الطاقة المنزلية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء الكويت خلال الفترة 2015-2005، على النحو الموضح في الشكل 1.

الشكل 1 - معدل استهلاك الفرد السنوي للطاقة في المباني السكنية لدول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بين عامي 2000 و2015. المصدر: بيانات وكالة الطاقة الدولية.

تستخدم الأسر في دول مجلس التعاون الخليجي الكهرباء بشكل شبه حصري كمصدر نهائي للطاقة، حتى لتسخين المياه في المنازل وتدفئة الأماكن التي نادراً ما يتم الاحتياج إليها. يقارن الشكل 2 بين معدلات استخدام الفرد في الأسر المعيشية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، ومجموعة الدول الصناعية السبع، واقتصادات آسيا والمحيط الهادئ الكبرى. من الواضح أن استهلاك الفرد من الكهرباء في المنازل أعلى بكثير في دول مجلس التعاون الخليجي منه في معظم الدول الأخرى.

في حالة قطاع المباني السكنية، تبحث هذه المقالة المزايا المحتملة لدول مجلس التعاون الخليجي من برامج إعادة التهيئة من أجل كفاءة استخدام الطاقة التي تقلل الطلب على الطاقة من المخزون الحالي للمباني السكنية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي مع التركيز بشكل خاص على دولة الإمارات العربية المتحدة.

الشكل 2 - استهلاك الفرد من الكهرباء في المباني السكنية في دول مجلس التعاون الخليجي، ومجموعة الدول الصناعية السبع، واقتصادات آسيا والمحيط الهادئ الكبرى. المصدر: بيانات إنر

المزايا الاقتصادية والبيئية

الجدول 1 - تقييم لاستثمارات إعادة تهيئة المباني من أجل كفاءة استخدام الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة. المصدر: (كرارتي، م.، دوبي، ك.، 2018).

اقترح كرارتي وآخرون، (2016، 2017، 2018) ثلاثة مستويات لإعادة تهيئة المباني من أجل كفاءة استخدام الطاقة، مع فوائد اقتصادية وبيئية مختلفة لدول مجلس التعاون الخليجي (1) الفحص الأساسي أو المستوى الأول، و(2) الفحص القياسي أو المستوى الثاني، و (3) الفحص المتعمق أو المستوى الثالث. يلخص الجدول 1 (كرارتي، م.، دوبي، ك.، 2018) الوفورات السنوية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (المرتبطة بتقليل كمية الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء)، ووفورات الطاقة السنوية (المرتبطة باستخدام كمية أقل من الوقود لتوليد الكهرباء)، ووفورات في الطلب خلال فترات الذروة (المرتبطة بتجنب بناء محطات توليد طاقة جديدة) لجميع المستويات الثلاثة لبرامج إعادة التهيئة من أجل كفاءة استخدام الطاقة في الإمارات العربية المتحدة. في الواقع، يمكن تحقيق 50٪ من المزايا من خلال إعادة تهيئة المباني السكنية فقط في الإمارات العربية المتحدة (كرارتي، م.، دوبي، ك.، 2018).

المزايا الاجتماعية

1. التأثير على إنتاجية العمل

إن تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني يمكن أن تزودنا ببيئات عمل ذات جودة أعلى وتكون مريحة وأكثر صحية، وقد تحسن من إنتاجية السكان بشكل جوهري؛ فقد ربط عدد من الدراسات بين المباني ذات الكفاءة في استخدام الطاقة والتحسن في إنتاجية العمل من خلال تقليل نسبة التغيب عن العمل وزيادة نسبة المواظبة (وزارة الطاقة، 2013). عندما يتم تحويل هذه المزايا الاجتماعية إلى نقود باستخدام التكاليف اليومية لتوظيف مقدمي الرعاية للأطفال المرضى وخصم أجور الموظفين، تبين أن قيمتها الحالية الصافية بلغت 11.5 بالمئة (الوكالة الدولية للطاقة، 2014). بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتحسينات في كفاءة استخدام الطاقة أن تؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصادي. حيث وجد التحليل الإحصائي للبيانات التاريخية التي تم الحصول عليها لعدد 28 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي أجرتها فيفيد إيكونوميكس (2013) أن التحسن بنسبة 1 بالمئة في كفاءة استخدام الطاقة يؤدي إلى زيادة بنسبة 0.1 بالمئة في معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي للفرد.

2. التأثير على قيمة الأصول العقارية

أشارت مجموعة من الدراسات إلى أن التحسينات في كفاءة استخدام الطاقة في المباني تتجه نحو الحصول على مبيعات وأقساط إيجار أعلى بسبب أدائها العالي وفوائدها الملموسة، بما في ذلك انخفاض التكاليف التشغيلية وجودة بيئية داخلية أعلى. وقد حددت العديد من الدراسات، معظمها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، زيادات محددة في قيمة الممتلكات بسبب كفاءة استخدام الطاقة (وزارة الطاقة، 2013). على وجه الخصوص، تم تحديد قيم الأقساط لمباني الريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي ومباني نجمة الطاقة المعتمدة بنسبة 6٪ للإيجارات و15٪ للمبيعات (وايلي وآخرون، 2010؛ فيرست وماكاليستر، 2011؛ وزارة الطاقة، 2013). باستخدام بيانات المباني المعاد تهيئتها، وجد، كوك وآخرون (2012) أن تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني القائمة قد رفع من قيمة أقساط الإيجار بنسبة تصل إلى 9 بالمئة، ومعدلات الإشغال بنسبة 2 بالمئة، مقارنةً مع المباني غير المعاد تهيئتها. تمثل العقارات نشاطًا اقتصاديًا مهمًا لدول مجلس التعاون الخليجي، كما هو موضح في الشكل 3. كما يسيطر قطاع البناء السكني على سوق العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي، ويمثل أكثر من 70٪ من قيمة العقار في المملكة العربية السعودية. على وجه الخصوص، بلغت القيمة المضافة للعقارات في المملكة العربية السعودية لعام 2014 مبلغ 60 مليار دولار أمريكي، أو 9.2 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي (قاعدة بيانات الأمم المتحدة المشتركة للإحصاءات، 2016).

الشكل 3 - القيمة المضافة للعقارات في إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2014. المصدر: الحسابات القومية لدول مجلس التعاون الخليجي.

3.خلق وظائف

التأثير الاقتصادي الرئيس الآخر لبرامج إعادة تهيئة المباني من أجل كفاءة استخدام الطاقة، هو القدرة على خلق وظائف جديدة في دول مجلس التعاون الخليجي. كما أوضح كرارتي (2015)، فإن إعادة تهيئة المباني لها تأثير مباشر على خلق الوظائف لتنفيذ تحسينات كفاءة استخدام الطاقة؛ كما ترتبط التأثيرات غير المباشرة بالوظائف اللازمة لإنتاج وتوريد المعدات والمواد من أجل كفاءة استخدام الطاقة. إن نموذج خلق الوظائف الذي تم أخذه بعين الاعتبار في تحليل كرارتي (2015) قد اقترح خلق ما يصل إلى 56,000 وظيفة جديدة سنويًا، لإعادة تهيئة مخزون المباني الحالي في الإمارات إلى المستوى الثالث، كما هو موضح في الجدول 2. تجدر الإشارة إلى أن إعادة تهيئة المباني التجارية قد تخلق وظائف أكثر قليلاً من تلك المطلوبة لإعادة تهيئة المباني السكنية، بغض النظر عن مستوى إعادة التهيئة.

الجدول 2 - عدد الوظائف السنوية التي يمكن توفيرها من برامج إعادة تهيئة مباني الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة. المصدر: تحليل مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية.

الملخص

عرضت هذه المقالة بعض المزايا المباشرة والقابلة للقياس الكمي لبرامج كفاءة استخدام الطاقة واسعة النطاق، التي تستهدف مخزونات المباني الحالية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك: (1) تقليل استهلاك الطاقة، و(2) تجنب بناء محطات طاقة في المستقبل، و(3) خفض انبعاثات الكربون، و (4) خلق الوظائف التي تحتاج إلى مهارة. بالإضافة إلى ذلك، تمت مناقشة بعض المزايا غير المباشرة - التي يشار إليها أيضًا باسم المزايا غير المتعلقة بالطاقة - من برامج كفاءة استخدام الطاقة في المباني، بما في ذلك: (1) تحسين إنتاجية العمل و (2) زيادة قيمة الأصول العقارية. عندما يتم النظر في جميع المزايا القابلة للقياس الكمي، من الواضح أن برامج إعادة تهيئة الطاقة تعتبر فعالة من حيث التكلفة بالنسبة لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة حاليًا بحصة كبيرة من مشاريع البناء المستدامة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مع 70٪ من المباني المصنفة بالريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي. بالإضافة إلى مجموعة واسعة من برامج ومبادرات إدارة الطلب وكفاءة استخدام الطاقة، تقوم الإمارات العربية المتحدة أيضًا بتشجيع استخدام الطاقة الشمسية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. فعلى سبيل المثال، إمارتي أبوظبي ودبي لديهما هدف للحصول على 7٪ و5٪ من احتياجاتهما من الطاقة من خلال الموارد المتجددة بحلول عام 2020، على التوالي.

ثمة إمكانيات كبيرة لتحسين أداء الطاقة في المباني السكنية في جميع أنحاء منطقة دول مجلس التعاون الخليجي باستخدام كل من إجراءات كفاءة استخدام الطاقة المثبتة وسياسات الطاقة لدعم اعتماد الأنظمة الكهروضوئية على الأسطح وتشجيع الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة. إن التطوير المستمر لهذه التقنيات لديه القدرة على دمج الطاقة المتجددة مع تدابير كفاءة استخدام الطاقة لإنشاء مدن مستدامة. بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن تطوير السياسات والبنية التحتية حول المباني السكنية منخفضة الطاقة سيكون فعالاً من حيث التكلفة ويقلل من استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون الكبيرة في المنطقة.

يمكن تنفيذ التحليل المستقبلي لكل من المزايا الخاصة بالطاقة وغير الطاقة لخيارات وسياسات كفاءة استخدام الطاقة المحددة، مثل استخدام التبريد القطاعي في المراكز الحضرية أو اعتماد المباني منخفضة الطاقة، من خلال وضع إطار قيمة مضافة لدراسة المساهمات الاقتصادية لقطاع المباني.

إخلاء المسؤولية، "وجهات النظر تعود للمؤلف ..."

أفضل الممارسات لمدينة ذات انبعاثات منخفضة من الكربون
سانديا براكاش،
المؤسس، والعضو المنتدب
المنارة للتكنولوجيا وحلول الطاقة.
البريد الإلكتروني: sandhya@consultbeacon.com
الموقع الإلكتروني: www.beacon-energy.com

يمكن تحقيق مجتمع منخفض الكربون من خلال خفض مستويات انبعاث الكربون، حيث إن بناء مجتمع منخفض الكربون يساعد في الحد من المشكلات الحالية القائمة التي تتشكل في تغيير المناخ وتناقص الموارد.

يوجد طريقة للوصول إلى مجتمع منخفض الكربون وهي وضع مبادئ لمجتمعات بيئية خضراء، ويعتمد المجتمع البيئي على المبادئ البيئية لتحقيق الانسجام مع الطبيعة، ولذلك فهو يعتبر جزء لا يتجزأ من الدورة البيئية؛ علاوة على ذلك، تلتزم المجتمعات البيئية الخضراء بالتقليل من استهلاك الطاقة، والموارد، وخلق بيئات صحية، ومريحة للمعيشة الأمر الذي يؤدي بدوره إلى خلق الانسجام مع الطبيعة.

في حال رغبت في العيش في مدينة تتميز بقلة انبعاثات الكربون بها فعليك أن تعرف "أننا" كأفراد يمكننا المساعدة في تحقيق ذلك، حيث يمكن لمالك المبنى والإدارة أن يلعبا دورًا هامًا في الكيفية التي يتم من خلالها تقييم المدينة من قبل مجلس المدينة للوصول إلى هذا الهدف، وتتسم هذه العملية بالاستمرارية.

كيف يمكن للفرد تقييم ما إذا كانت انبعاثات الكربون منخفضة في المجتمع؟

ثمة طريقة مقترحة من قبل نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة لتطوير الجوار للتقييم وهي متعارف عليهم على نطاق واسع. تعتبر الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة LEED على أنها نظام معتمد معترف به دوليًا للمباني الخضراء. تم تطوير هذا النظام من قبل المجلس الأمريكي للأبنية الخضراء (USGBC) في مارس 2000، ويهدف هذا النظام إلى توفير أطر لمالكي هذه الأبنية والمشغلين لتحديد، وتنفيذ عملية تصميم المباني الخضراء القياسية والعملية، والبناء، وعمليات الصيانة وحلولها.

يشجع كل من مجلس الإمارات للأبنية الخضراء، ونظام التقييم بدرجات اللؤلؤ لبرنامج استدامة في أبوظبي، وقانون المباني الخضراء في دبي كل من المطورين، والاستشاريين، والمقاولين على دمج طريقة التفكير التي تراعي الجوانب البيئية في مشاريع البناء الخاصة بهم.

ممارسات المجتمع منخفض الكربون

يوجد بعض الحالات الناجحة الخاصة بمجتمع منخفض الكربون في العالم. لنستعرض عدد من المدن ونرى ماذا فعلوا.

يلعب جميع مواطني العالم دورًا من خلال سلوكياتهم، وعاداتهم الاستهلاكية التي تؤثر على انبعاثات الكربون. صنفت المدن على مستوى العالم في أحد الأبحاث من حيث نسبة انبعاث الكربون الخاصة بالفرد. يوجد ثلاث فئات تهتم بالبصمة الكربونية وهما المباني/ المواصلات، والنفايات، والطاقة، والصناعة.

سجلت تورونتو أكبر معدل من حيث انبعاثات الكربون من المباني/ والمواصلات، والنفايات، أما شانغهاي سجلت أعلى معدلات لانبعاثات الكربون من الطاقة والصناعة.

الشكل 1: نسبة انبعاث الكربون الخاصة بالفرد للمدن المحددة المصدر: البنك الدولي2010)

5. مجالات رئيسة للتركيز في بناء مجتمع منخفض الكربون

سياسة الحكومة لاقتصاد خالي من الكربون

ما أهم ما يجب علينا القيام به لكي نحصل على طاقة بأسعار معقولة دون حاجة لاستخدام الوقود الأحفوري؟

الهدف هو اقتصاد خالي من الكربون – مما يمنح السياسة طابع الاتساق، ومعيار يمكننا من خلاله قياس التقدم المحرز.

هناك 8 سياسات مهمة ينبغي تنفيذها لتحقيق ذلك وهي:

1. وضع معايير كفاءة عالية لكل من المباني، والأجهزة، والمركبات.
2. فرض استخدام سيارات أكثر كفاءة، ومركبات كهربائية.
3. زيادة كفاءة المعايير للأجهزة.

4. إصلاح المباني القائمة، حيث أن معظم المباني القديمة ليست معزولة بشكل مناسب، وتعمل على إهدار الكثير من الطاقة. بإمكاننا عند بيع المنزل إلزام أن تتوافق هذه المباني مع معايير محددة من حيث كفاءة الطاقة مثل مدونات قواعد السلامة من الحرائق، ومعايير السلامة الكهربائية.
5. وقف الدعم، والإعفاءات الضريبية للوقود الأحفوري.
6. وقف الدعم للوقود الحيوي.
7. استخدام القوة الشرائية الخاصة بالحكومة لتشجيع تطوير تقنيات الإمداد قابلة للتجديد.
8. حظر محطات توليد الطاقة من الفحم.

يمكننا تقليل نصف استهلاكنا من الطاقة للنصف من خلال الكفاءة، وبإمكاننا أيضًا الحصول على باقي الطاقة الخاصة بنا من مصادر متجددة

References:

1: Best Practice in Low-Carbon Community Planning: Research Gate
2: Gils, H.C. and Simon, S. (2017).Carbon neutral archipelago –100% renewable energy supply for the Canary Islands.Applied Energy, 188: 342–355.
3: SPR Productions Case study ITM
4: Union of Concerned Scientists
5: www.beacon-energy.com

أهمية وتأثير المدن منخفضة الكربون
مانويل هيدالغو
مستشار التقنية والأعمال
الشركة الوطنية للمحافظة على البيئة (بيئة)
مدينة الجبيل الصناعية - المملكة العربية السعودية
البريد الإلكتروني: manuel@beeah.com

1. مقدمة: ما المقصود بالمدينة منخفضة الكربون؟

مصطلح "منخفض الكربون" (حيث يُشار بالكربون هنا إلى مكافئ ثاني أكسيد الكربون، CO2e) يشير إلى مسارات اﻧﺑﻌﺎﺛﺎت غازات الدفيئة (GHG) (أو الغازات المسببة للاحتباس الحراري) العالمية التي تثبت تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي بمستويات يُعرف أنها ليست "تدخلاً بشرياً خطيراً في النظام المناخي" وفقاً لما صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC). في الوقت الحالي، يزيد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عن 400 جزء في المليون من حيث الحجم وهذا الرقم في اتجاه نحو الزيادة. لذلك، وبالنظر إلى هدف عدم ارتفاع درجة الحرارة العالمية أكثر من 2 درجة مئوية، ينبغي ألا يتجاوز تركيز غازات الدفيئة أكثر من 450 جزء في المليون من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (CO2e).

الشكل 1: مثال على المجتمع منخفض الكربون في تايلاند. المصدر: ERM-Siam Co.، Ltd.

نشرت الحكومة البريطانية في عام 2003 "تقريراً حكومياً خاصاً بالطاقة" بعنوان "طاقتنا المستقبلية: خلق اقتصاد منخفض الكربون". وكان الهدف تحقيق المزيد من الإنتاج الاقتصادي ومستويات المعيشة عالية الجودة مع استهلاك أقل للموارد الطبيعية والتلوث البيئي. ولما كان مفهوم "اقتصاد منخفض الكربون" قد طُرح في التقرير الحكومي للمرة الأولى، فقد تم بحثه ومتابعته باعتباره نمطاً إنمائياً يبعث على الأمل للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومواجهة تحديات تغير المناخ. وسرعان ما وجد له أنصاراً في جميع أنحاء العالم. وبعد مضي أربع سنوات، في عام 2007، قدمت اليابان مفهوم "مجتمع منخفض الكربون" (LCS). وكانت الفكرة الأساسية "مجتمع منخفض الكربون، لا تكنولوجيا منخفضة الكربون" (Yang & Li). هذان المفهومان مرتبطان ارتباطًا وثيقًا. يحاول المجتمع منخفض الكربون تغيير أنماط استهلاك الناس وأنماط حياتهم، بينما تحاول تكنولوجيا منخفضة الكربون تغيير أنماط الطاقة. الفكرة الرئيسة لكلا المفهومين هي نفسها: الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مع خلق نمو اقتصادي. واستمرت هذه الفكرة في التطور، وقدم الباحثون الصينيون مفهوم "مدينة منخفضة الكربون"، وخلق اقتصاد منخفض الكربون ومجتمع منخفض الكربون عبر التدخلات المكانية في المدن.

المجتمع منخفض الكربون هو مجتمع يتعاون فيه الناس (في الأغلب) للحد من كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أي شكل أو في أنشطة مختلفة منبعثة من الحياة اليومية وعملية الإنتاج لمصنع أو صناعة. فالمجتمع منخفض الكربون هو السبيل لتشجيع الناس على العيش في مجتمع ذو محتوى منخفض من الكربون يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتطوير التكنولوجيات غير الضارة بالبيئة أو ما يسمى التكنولوجيا النظيفة (انظر الشكل 1 ). وباعتبارها واحدة من أكبر المساهمين في الانبعاثات الكربونية والوحدة الأساسية للتنمية الاقتصادية والتنظيم الإداري، تلعب المدن دائمًا أدوارًا مهمة في تطوير "الاقتصاد منخفض الكربون".

لا يوجد تعريف قابل للتطبيق عالميًا لـمصطلح "مدينة منخفضة الكربون". على عكس التنمية المستدامة، لم تكن ثمة أي تعريفات موحدة للمدن منخفضة الكربون. وأسباب ذلك، أولاً: المدن تختلف في مواردها الكربونية الأولية. والمدن العاملة في الصناعات الثقيلة كثيفة الاستخدام للطاقة، أو تلك المدن الموجودة في البلدان الحارة أو الباردة التي تتطلب الكثير من التبريد أو التدفئة على التوالي ستبدأ بكثافة كربونية مطلقة أعلى من المدن التي تركز على الخدمات والصناعات غير كثيفة الاستهلاك للطاقة أو تلك المدن الموجودة في المناخ المعتدل الأقل احتياجًا للتبريد أو التدفئة. ثانياً: الهدف الأساسي للمدن هو توفير الفرص الاقتصادية ونوعية الحياة لمواطنيها وليس مجرد التركيز على خفض مستوى الكربون. لذلك، يجب أن تركز تعريفات "المدينة منخفضة الكربون"، قبل كل شيء، على كيفية تغيير المدن لمساراتها المتعلقة بانبعاثات الكربون بشكل مستقل عن مواردها الكربونية الأولية، ولكن بطرق لا تضر بالتنمية الاقتصادية والقدرة على العيش.

تعريف المدينة منخفضة الكربون لا يعني في كثير من الأحيان ما يكافئ "المدينة المستدامة". يوضح أحد التعريفات العالمية للمدينة المستدامة التي صاغها ريتشارد ريجيست في عام 1987 ارتباطًا واضحًا بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون والعناصر الأخرى التي تساهم في تغير المناخ من خلال تعريف المدينة المستدامة على أنها "مدينة مصممة مع مراعاة التأثير البيئي، يسكنها أشخاص متفانين في تقليل المدخلات اللازمة من الطاقة والمياه والغذاء ومخرجات الحرارة والتلوث الهوائي - بغاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان وتلوث المياه". ومن ثم يمكن تعريف المدينة منخفضة الكربون بأنها مدينة تضم مجتمعات تستهلك تكنولوجيا خضراء مستدامة، وتتبع ممارسات خضراء (المحافظة على البيئة)، وتنبعث منها كميات منخفضة نسبيًا من الكربون أو الغازات الدفيئة مقارنة بممارسات اليوم لتجنب الآثار الضارة على تغير المناخ.

2. لماذا المدن منخفضة الكربون: الفوائد والمزايا

تؤثر المدن بشكل كبير على انبعاثات الكربون، بسبب عدد الأشخاص الذين يعيشون ويعملون فيها، وذلك بسبب المثال الذي يمكنهم اتباعه وبالتالي التأثير في خفض انبعاثات الكربون. فقد أثبتت المدن الاستباقية الرائدة مثل لندن أنه في الأماكن التي تستخدم فيها الهيئات الحاكمة سلطتها بشكل مبتكر، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الحد من انبعاثات الكربون على مستوى المدينة، حتى خارج نطاق سيطرتهم المباشرة.

اكتسب مفهوم "المدن منخفضة الكربون" زخمًا في المشهد الحضري للتنمية والحوكمة عندما توصلت المدن إلى أن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي وتغير المناخ ما هما إلا نتاج للتحضر، وارتفاع النمو السكاني والاقتصادي، وبالتالي فإن الزيادة الأكثر أهمية في استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون إنما تحدث في المدن والمناطق الحضرية. من خلال اعتماد مبادئ الاستدامة، يمكن خفض انبعاثات الكربون من خلال الوسائل والطرق التي يتم بها تصميم المدن وتطويرها، وطرق استهلاك الموارد؛ وبشكل أساسي، فإن المدن منخفضة الكربون هي المدن التي تتخذ إجراءات جادة وفعالة للحد من تأثيرها البيئي وانبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون. وتثبت المدن منخفضة الكربون كفاءة الطاقة العالية، وانتاج الطاقة من بمصادر الطاقة المتجددة، وإنتاج أقل كمية ممكنة من التلوث، واستخدام الأراضي بكفاءة؛ والمواد المستخدمة للسماد أو إعادة تدويرها أو تحويل النفايات إلى طاقة. والمدن منخفضة الكربون باختصار هي التي تعتمد وتدمج مبادئ التنمية المستدامة للمساهمة بشكل طفيف في تغير المناخ.

وفقا لأكاديمية البحث الصينية للعلوم البيئية، تؤدي المدينة منخفضة الكربون إلى اقتصاد ومجتمع منخفضا الكربون جنبًا إلى جنب بشكل مستدام مع التنمية. ثمة جانبين مهمين في مفهوم المدينة منخفضة الكربون، وهما:

-اقتصاد منخفض الكربون: لزيادة الطاقة وكفاءة المياه والحد من انبعاثات الكربون على أساس الكفاءة في استخدام الموارد والتكنولوجيا الخضراء.

- استهلاك منخفض الكربون: للحد من انبعاثات الكربون من جميع جوانب الحياة في المدينة والتي تشمل إعادة التدوير، وحماية البيئة الطبيعية، والحفاظ على المناطق الخضراء في المدينة، وزيادة بالوعة الكربون.

التنمية منخفضة الكربون في المدن - أو تنمية المدن منخفضة الكربون - تسمح للحكومات المحلية في البلديات بالاستفادة من التخطيط المتكامل بطريقة تضمن تنفيذ استراتيجيات الحد من الانبعاثات مع تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي. وهناك، في الواقع، مواءمة قوية بين استراتيجيات التنمية المستدامة منخفضة الكربون والمناسبة محليًا للمدن، على النحو الموضح في الشكل 2 أدناه:

الشكل 2: مواءمة النمو منخفض الكربون والتنمية الحضرية المستدامة. المصدر: البنك الدولي

وبالتالي، فإن المدينة منخفضة الكربون هي مدينة مستدامة وفعالة وملائمة للعيش وتنافسية. وتضيف زاوية التنمية منخفضة الكربون رؤية إضافية مهمة لتقييم هدف التنمية المستدامة للمدينة. الأمثلة على التوافق الوثيق بين التنمية المحلية والنمو منخفض الكربون - وبالتالي تحقيق فوائد التخفيف من تغير المناخ العالمي والتي تشمل العناصر التالية:

1. الشكل الحضري الذكي والتنمية المكانية: تحتاج المدن منخفضة الكربون إلى شكل حضري محكم ومتكامل مع تنمية مكانية ذكية. ثمة عدد من المخاوف المرتبطة بالتوسع السريع للمدن، ويمكن للإصلاحات في تخطيط استخدام الأراضي والأطر المالية البلدية والتغييرات في التنمية المكانية معالجة تلك المخاوف وتعزيز النمو منخفض الكربون.
2. استخدام الطاقة في المناطق الحضرية: التعامل مع الاهتمامات المحلية المتعلقة بتلوث الهواء وأمن الطاقة وكفاءة الطاقة، بما يتماشى أيضًا مع النمو منخفض الكربون. ولا تؤدي كفاءة الطاقة المحسنة إلى صناعة أكثر خضرة (استدامة) وأقل كربون فحسب، بل إلى صناعة أكثر تنافسية.
3. النقل الحضري: يتعين على صانعي السياسة المحليين التعامل مع الازدحام والحوادث والسلامة وانعكاسات القيمة المالية لاستخدام وسائل النقل والسيارات السريعة، والتي تسهم في النمو السريع في انبعاثات الكربون. يتماشى جدول أعمال النقل الحضري المستدام مع جدول الأعمال منخفض الكربون من خلال تركيز التنمية بالقرب من محطات مركزية للنقل العام؛ والتشجيع على المشي، وركوب الدراجات الهوائية، والنقل العام كبدائل للسيارات الخاصة؛ وإدارة الطلب لتقييد استخدام السيارات.
4. الخدمات البلدية: تقليل النفايات والحد منها وإعادة تدويرها، ويمكن أن تؤدي طرق التخلص الحديثة إلى خفض انبعاثات الكربون في أنظمة النفايات الصلبة. بالنسبة لشبكات المياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية، فإن الحلول الشاملة لإدارة الطلب وتطوير أنظمة متكاملة للنفايات وحماية مياه الأمطار ونظم إدارة الفيضانات، كما تتصدى لندرة المياه وجودة الخدمة وانبعاثات الكربون.

ويصبح التقارب الوثيق بين المنافع المحلية والعالمية أقل مباشرة بالنسبة إلى القضايا المتعلقة بالهيكل الاقتصادي العام للمدينة والطلب الكلي على الطاقة من الصناعات القائمة في تلك المدينة بالذات. فاستبدال التصنيع كثيف الاستهلاك للطاقة بالأنشطة الاقتصادية المكثفة نسبيًا منخفضة الطاقة، مثل الخدمات، يوفر أحيانًا انتقالاً سلساً إلى اقتصاد منخفض الكربون. ومع ذلك، هذا ليس أمراً سهلاً ويتطلب النظر فيه بعناية. ويجب أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي في المستقبل مدفوعًا بالخدمات والصناعات منخفضة الكربون، وكلاهما أمر مهم للحد من كثافة الكربون في العديد من المدن في العالم.

3. كيفية تخطيط وتصميم وبناء وتقييم مدينة منخفضة الكربون

المناخ يتغير، وبالتالي، فإن الانبعاثات منخفضة الكربون تم النظر فيها تقليديًا في صنع سياسة التنمية الحضرية التقليدية والتخطيط. ومع ذلك، يولي مخططو المدن الآن مزيدًا من الاهتمام لتغير المناخ لثلاثة أسباب رئيسة. أولاً، تعتبر مشاركة المدن أمراً حيويًا لتحقيق أهداف البيئة والتنمية الوطنية. ثانياً، بما أن المدن تحتل معظم رأس المال الاقتصادي والمؤسسي والفكري، فإن مشاركتها الفعالة أمراً ضروريًا في صياغة وتنفيذ سياسات وطنية للتخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه. وأخيراً، فإن المدن هي المكان الذي تتجلى فيه فوائد تنفيذ تدابير مكافحة تغير المناخ، مثل تحسين جودة الهواء وازدحام المرور، وتقليل أثر الجزر الحرارية ما من شأنه سد الفجوة بين دمج تغير المناخ وسياسات التنمية.

المدن هي الوحدات الرئيسة للعمل والمساءلة، ولكنها أيضا جزء من جهد عالمي. فتحقيق أهداف المدينة منخفضة الكربون يعتمد بشكل كبير على السياسات والإصلاحات الوطنية. ولذلك، سيكون للحكومات المركزية دور رئيس في توفير بيئة مواتية للمدن لتنفيذ استراتيجيات التنمية منخفضة الكربون.

لتحقيق نتائج منخفضة الكربون، سيحتاج قادة المدينة إلى المشاركة في مجموعة شاملة من الإجراءات وسيتطلب الأمر إجراءات منسقة مع مجموعة من أصحاب المصلحة. ويجب إشراك مستويات مختلفة من الحكومة في كل بلد بفعالية، وستكون هناك حاجة إلى مبادرات تكميلية من المجتمع المدني. وستضطلع جميع القطاعات الرئيسة تحت إدارة المدن بأدوار مهمة، بما في ذلك تطوير الأراضي والتنمية المكانية، واستخدام الطاقة الحضرية في الصناعة والمباني والنقل والخدمات البلدية. وفي بعض الحالات، يجب زيادة عناصر الممارسة الجيدة. وفي حالات أخرى، ثمة حاجة إلى تغيير كبير في الطرق الحالية لممارسة الأعمال وإقامة شراكات جديدة

ونتيجة لذلك، توجد حاجة إلى إطار عمل واضح لتحقيق نمو منخفض الكربون في أي مدينة. ويجب أن يتضمن هذا الإطار عددًا من العناصر والمتطلبات الأساسية للمساعدة في خطة المدينة، وتنفيذ رصد وحساب الاستثمارات منخفضة الكربون، وإجراءات التخفيف من تغير المناخ في جميع القطاعات بمرور الوقت. وينبغي أن تتحكم الشفافية والمرونة في تصميم أي برنامج وتخطيطه وتنفيذه.

هناك عدد من الوثائق التي تحتوي على منهجيات ومبادئ توجيهية نشرتها منظمات مختلفة تهدف إلى تقديم إرشادات واضحة حول كيفية تصميم وتنفيذ خطط وبرامج المدن منخفضة الكربون. ولا يمكن لخطة المدينة منخفضة الكربون أن تنجح إلا إذا كانت متكاملة مع السيناريوهات العالمية والوطنية، فالأمر يحتاج إلى إطار يستند إلى تقارير بروتوكول الغازات الدفيئة لقياس انبعاثات الغازات الدفيئة على نطاق المجتمع لتمكين السلطات المحلية من استخدام أدوات السياسات الحيوية القائمة على الأدلة واستخدامها على نحو مؤثر وفعال.

الشكل 3: برنامج تنمية المدن منخفضة الكربون (LCCDP). المصدر: البنك الدولي (2014)

أحد أكثر التوصيات المقترحة هو دليل برنامج تنمية المدن منخفضة الكربون (LCCDP)، الذي تم نشره في عام 2014، وطوره البنك الدولي (WB) وDNV KEMA للطاقة والاستدامة (DNV KEMA Energy & Sustainability) لتقديم التوجيه للمدن والممارسين في المناطق الحضرية على تصميم وتنفيذ برنامج تنمية المدن منخفضة الكربون. ويعد برنامج تنمية المدن منخفضة الكربون منهجًا لنظم التنمية منخفضة الكربون، بما في ذلك إطار ومجموعة شاملة من الاشتراطات التي تساعد المدن في تخطيط وتنفيذ ورصد وحساب الاستثمارات منخفضة الكربون، وإجراءات التخفيف من تغير المناخ في جميع القطاعات بمرور الوقت. هذا ويتم تقديم المحتوى الرئيس للدليل في أربعة أقسام تتطابق مع مراحل تطوير وتخطيط وتنفيذ وتقييم برنامج تنمية المدن منخفضة الكربون، على النحو الموضح في الشكل 3.

لا تزال معايير قياس أداء الكربون في المدينة قيد التنفيذ. قبل كل شيء، ثمة حاجة إلى حل عدد من قضايا المساءلة الرئيسة، وخاصة حول كيفية المسائلة بالنسبة للكربون المنبعث عند استهلاك الأنشطة والخدمات في مواقع مختلفة ينبعث منها الكربون. وعلاوة على ذلك، العلاقة بين الكربون المنبعث في المدينة والدوافع الكامنة فيهاـ الهيكل الاقتصادي للمدينة والناتج المحلي الإجمالي، ومزيج الطاقة، والمناخ، والسكان، والشكل الحضري، والنقل والبنية التحتية المبنية، هي علاقة معقدة. هذا التعقيد يجعل من الصعب بشكل خاص قياس التقدم على طول أبعاد محددة: في العديد من الحالات، لم يتم تحديد مؤشرات كافية بعد. وعلى الرغم من ذلك، يوجد اتفاق على أن الأداء منخفض الكربون يدور حول قياس وإدارة مسار المدينة بالنسبة إلى مواردها المادية والاقتصادية - وخاصة المسار الزائد عن مصادر الطاقة منخفضة الكربون، ويعزز الكفاءة في تقديم الخدمات الحضرية، ويتحرك لخفض كثافة الكربون لوحدة معينة من الناتج المحلي الإجمالي.

4. أفضل الممارسات والأمثلة على المدن منخفضة الكربون حول العالم

اعتمدت العديد من المدن تدابير للحد من انبعاثات الكربون، تتنوع بداية من التخطيط الشامل وجوانب السياسة الكلية إلى إجراءات ملموسة في مجالات محددة. ويذكر أن حوالي 1,050 مدينة في الولايات المتحدة، و40 مدينة في الهند، وأكثر من 100 مدينة في الصين، قد حددت هدفًا للتنمية منخفضة الكربون، وبذلت جهودًا للحد من انبعاثات الكربون.

بدأت مدن مثل طوكيو ولندن ونيويورك ومدينة ووشي الصينية برامج تخطيط شاملة نحو مدينة منخفضة الكربون. وقد وضعت برلين وكوبنهاغن وبرشلونة وهانغتشو (الصينية أيضًا) سلسلة من السياسات لبناء مدينة منخفضة الكربون فيما يتعلق بهيكل استهلاك الطاقة، والهيكل الصناعي، ووسائل النقل العامة، وتصميم المباني، والاستهلاك المنزلي، والوعي العام. وقد وضعت مالمو وباودينغ وجيلين وشانغهاي تدابير ملموسة في مجالات محددة، مثل استغلال الطاقة الجديدة، وتعديل طرق إمدادات الطاقة، وتنظيم الهيكل الصناعي، وتطوير مناطق منخفضة الكربون.

الشكل 4: منظر لمرحلة المدينة المستدامة 2 في دبي. المصدر: كريم الجسر (2017)

تم تنفيذ برنامج ريو دي جانيرو لتنمية المدن منخفضة الكربون (Rio LCCDP) بمساعدة فنية من البنك الدولي، وتم تصميمه وفقًا للظروف الفريدة للمدينة. فبرنامج (Rio LCCDP) هو برنامج طموح متعدد القطاعات للتغير المناخي، تنفذه بلدية ريو نتيجة لاستضافتها كأس العالم 2014 FIFA، والألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2016، والتي تعمل كقناة للمساعدة في استخلاص إمكانيات الحد من الكربون من مختلف المبادرات، والسماح لمدينة ريو بإثبات تحقيق أهداف التخفيف الذاتية من خلال المساءلة تصاعديًا في تدابير التخفيف بطريقة شفافة.

خير مثال على "المعيشة منخفضة الكربون" وهو ما يسمى بالمدينة المستدامة. وتقع في دبي وتبلغ مساحتها أكثر من 460 هكتار، وتوفر المدينة المستدامة مجموعة متكاملة من المرافق الاجتماعية والميزات البيئية. وتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع في عام 2016، وتتكون من 500 فيلا مجمعة في خمس مجمعات سكنية، ومسجد، وروضة أطفال، ومرفق متعدد الاستخدامات بمساحة 15000 متر مربع، ومزرعة، ومرافق عامة، ومركز للفروسية. وستضم المرحلة الثانية فندق إنديجو (Hotel Indigo)، ومستشفى لإعادة التأهيل الشامل، ومدرسة دولية، بالإضافة إلى مركز دايموند للابتكار Diamond Innovation Center.

المدينة المستدامة هي تطبيق حديث للاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في البيئة المبنية. وباعتباره أول مشروع تطويري Net Zero Energy (صفر الطاقة) في دبي، يعد هذا المشروع معرضًا دوليًا للمعيشة المستدامة، والعمل، والتعليم، والترفيه.

5. مستقبل المدن منخفضة الكربون: الأعمال وفرص العمل

لا يمكن لتطوير المدن منخفضة الكربون وحده العمل على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتوفير الطاقة كهدف رئيس ولكن أيضا خلق أعمال وفرص عمل جديدة. ويمكن أن تؤدي العديد من الإجراءات الصغيرة وبعض الإجراءات الأكبر حجمًا إلى تحقيق وفورات هائلة في استهلاك الطاقة وتكلفتها وكذلك انبعاثات الكربون، وتؤدي أيضًا إلى فوائد كبيرة على نطاق أوسع، على سبيل المثال، في خلق فرص عمل، وهواء نظيف، والحد من الافتقار إلى الطاقة، وتحسين التنقل.

من الواضح أن استخدام أفضل التقنيات المتاحة بأسعار معقولة للحد من انبعاثات الكربون يخلق فرصًا للأعمال في مختلف القطاعات مثل: النقل، والمباني، وتحسين العمليات الصناعية، وإمدادات المياه ومعالجتها وإعادة استخدامها، وإدارة النفايات وإعادة تدويرها، والطاقات المتجددة، وكفاءة الطاقة، إلخ. سوف يجلب التغيير التكنولوجي خيارات جديدة للحد من الانبعاثات، وقد يقلل من تكلفة الخيارات الحالية. ففي قطاع النقل، يعد تأثير التغير التكنولوجي على أسعار السيارات الكهربائية أحد المجالات التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الانبعاثات، كما يمكن اعتماد شبكة غاز الهيدروجين داخل المدينة. ولكن ستكون هناك حاجة إلى طرق جديدة لتشجيع الاستثمار وتوجيه اتخاذ تدابير من هذا النوع إذا أدركت مدينة ملموسة الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للانتقال منخفض الكربون.

وقد توصل بحث أجراه اقتصاد المناخ الجديد (New Climate Economy) في عام 2015 إلى أن الاستثمار في النقل العام والنقل منخفض الانبعاثات، وكفاءة البناء، وإدارة النفايات في المدن، يمكن أن يؤدي إلى تحقيق وفورات بقيمة 17 تريليون دولار بحلول عام 2050. ويمكن لهذه الاستثمارات منخفضة الكربون أن تقلل من انبعاثات غازات الدفيئة بواقع 3.7 جيجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030، أي أكثر من الانبعاثات السنوية الحالية للهند. ومع وجود سياسات وطنية متكاملة كدعم للابتكار منخفض الكربون، وخفض دعم الوقود الأحفوري، وتسعير الكربون، يمكن أن تصل تلك الوفورات إلى 22 تريليون دولار.

وبالنسبة لهذا البحث، تم إجراء تحليل عالمي جديد للنظر في التكاليف المباشرة والعوائد وفترات استرداد الاستثمارات منخفضة الكربون في المدن. وبلغ مجموع سكان الحضر المشمولين بالتعديل 3.6 مليار في عام 2010، وارتفع إلى 5.0 مليار في عام 2030، و6.3 مليار في عام 2050. ويعتمد التحليل على تقييم لإمكانية التخفيف الحضرية بتكليف من المبعوث الخاص للأمم المتحدة للمدن وتغير المناخ (مايكل ر. بلومبرج). وقد شمل هذا التقييم 11 مجموعة من التدابير منخفضة الكربون في قطاعات المباني والنقل والنفايات، حيث تتمتع المدن بأكبر سلطة لاتخاذ الإجراءات.

يمكن أن تتطلب التدابير منخفضة الكربون استثمارات كبيرة، والتنسيق بين صانعي السياسة، وشركات الأعمال، والأفراد، وأحيانًا ما تتغير إلى الطريقة التي نعيش ونعمل بها. ومع ذلك، فإن التحليلات المختلفة التي تم إجراؤها في عدد من الدراسات تشير إلى أن فوائد التغيير يمكن أن تفوق التكاليف بكثير - فالمستقبل منخفض الكربون لأي مدينة في العالم لن يحسن المناخ العالمي فحسب، بل سيخلق فرص عمل، ويقلل تكاليف فواتير استهلاك الطاقة، وينظف هواء كوكبنا، ويكافح فقر الوقود. فالمستقبل منخفض الكربون لأي مدينة يتوافق تمامًا مع تلك المدينة المعينة كونها مدينة أكثر سعادة وصحة وشمولًا وأكثر ازدهارًا.

References:

1. Low Carbon City: A Guidebook for City Planners and Practitioners.
2. Low Carbon Cities Framework & Assessment System.
3. The Low Carbon City Development(LCCDP) Guidebook.
4. A Strategic Framework for Low Carbon Cities.
5. Dubai Sustainable City report.
6. Low Carbon Living in The Sustainable City.
7. The Economics of Low Carbon Cities.
8. Accelerating Low-Carbon Development in the World’s Cities
9. Low Carbon Energy & Sustainability Strategy 2015-2020.

المدينة المستدامة: نموذج للعيش في بيئة منخفضة الكربون
كريم الجسر
المدير التنفيذي: مركز دايموند للابتكار
البريد الالكتروني: karim@seenexus.ae
www.thesustainablecity.ae

تجنبت المدينة المستدامة في عام 2017 حوالي 6500 طن من انبعاثات الغازات الدفيئة (tCO2e)، وهو ما يعادل إبعاد 670 سيارة من نوع SUV من الطرق لمدة عام واحد.

المدينة المستدامة هي مدينة منخفضة الكربون بداية من التصميم إلى التشغيل – هدفها التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال مجموعة من المواصفات البيئية ووسائل التثقيف المجتمعي، ويُجري المشروع جردًا للغازات الدفيئة لفحص الانبعاثات باستخدام المبادئ التوجيهية للبروتوكول العالمي لقوائم جرد انبعاثات الغازات الدفيئة على النطاق المجتمعي بالشراكة مع جمعية الإمارات للحياة الفطرية (WWF) ومركز دبي المتميز لضبط الكربون (DCCE).

الجرد هو مجهود مكثف لقياس انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن كافة الأنشطة الرئيسية داخل حدود المشروع وتحديد فرص تحسين إدارة الكربون، ويحصي الجرد على وجه التحديد الانبعاثات التي تتسرب إلى الغلاف الجوي الناجمة عن الأنشطة البشرية المقسمة إلى خمسة قطاعات:


(1) الطاقة
(2) النفايات
(3) المواصلات
(4) العمليات الصناعية واستخدام المنتجات
(5) الزراعة واستخدام الأراضي والغابات.

نفذت المدينة المستدامة العديد من الاستراتيجيات، واستغلت العديد من الفرص لخفض الانبعاثات الناجمة عن تلك القطاعات من إدارة جانب الطلب إلى استخدام وقود الديزل الحيوي B100.

وقود الديزل الحيوي B100 في المرحلة 2

تستخدم المدينة المستدامة وقود الديزل الحيوي B100 في مركبات البناء الكهربائية في المرحلة 2، ويحد وقود الديزل الحيوي المشتق من زيت الطهي المستعمل والمنتج محليًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وانبعاثات العوادم، ويعتبر الديزل الحيوي B100 على مدار دورة حياته محايد الكربون حيث تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون اللازم لعملية التمثيل الضوئي وتعوض الانبعاثات أثناء الاحتراق، يستخدم المشروع 15000 لتر من وقود B100 كل شهر.

تلعب إدارة جانب الطلب على الطاقة دورًا حيويًا في تحقيق مستقبل منخفض الكربون، فخفض الطلب من خلال ابتكار التصميم وتعزيز الممارسات المستدامة هي أدوات فعالة لإدارة جانب الطلب تساعد على الحد من الانبعاثات، أدى التصميم السلبي أو الحراري (التوجيه) وكفاءة الطاقة (العزل، وتكييف الهواء بتقنية نظام التدفق المتغير للهواء البارد(VRF )،والإضاءة الموفرة للطاقة (LED) إلى خفض متطلبات الطاقة للفلل بشكل كبير مما أدى إلى كثافة استخدام طاقة (EUI) تبلغ 97 كيلو واط في الساعة لكل متر مربع في السنة، أي بنسبة لا تقل عن %40 أقل من قيم كثافة استخدام الطاقة بالمباني الخضراء في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وهناك استراتيجية أخرى لتخفيض الكربون تتمثل في استخدام الطاقة المتجددة للمساعدة في إزالة الكربون من مصادر الكهرباء، وعلى الرغم من تنوع مصادر الطاقة المتجددة، إلا أن الإشعاع الشمسي في دولة الإمارات العربية المتحدة هو أبرز مصادر الطاقة النظيفة وأكثرها موثوقية، ويمكن للإشعاع الشمسي المضمون

والوفير في الإمارات إنتاج ما يصل إلى 1600 كيلو وات في الساعة لكل كيلو واط في السنة، ولتحقيق صفر انبعاثات كربونية، تقوم المدينة المستدامة بتركيب ما يصل إلى 10 ميغاوات من الألواح الشمسية الكهروضوئية لتلبية الطلب السنوي المقدر بـ 16 مليون كيلو وات في الساعة للمشروع بأكمله، ويتيح التنظيم الذكي وبرنامج "شمس" التابع لهيئة كهرباء ومياه دبي نظام القياس الصافي من جانب المستأجرين (السكنيين والتجاريين) الذين قاموا بتركيب أنظمة الطاقة الكهروضوئية لتوليد الطاقة الشمسية على الأسطح؛ يمنع الاستهلاك المباشر سحب شبكة الكهرباء بينما يتم تصدير فائض الكهرباء إلى الشبكة لتعويض فواتير الخدمات.

يمثل إنتاج واستهلاك المياه فرصة أخرى للحد من انبعاثات الكربون، تعتمد دولة الإمارات العربية المتحدة ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كلي تقريبًا على تحلية المياه لتلبية الطلب عليها، وتعتبر تحلية مياه البحر شديدة الاستهلاك للطاقة مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الانبعاثات من مياه الشرب (حوالي 6.16 كجم من انبعاثات الغازات الدفيئة لكل متر مكعب). ساعدت كفاءة استخدام المياه المحسنة من خلال التجهيزات ذات التدفق المنخفض والمراحيض ذات التدفق المزدوج وأجهزة توفير المياه على تقليل استهلاك المياه إلى 180 لترًا للشخص الواحد في اليوم، وهو ما يقل بنسبة %60 على الأقل عن متوسط استهلاك المياه في دبي، حيث يبلغ استهلاك المياه الموصي به للمباني السكنية في المقابل 350-250 لترًا للشخص الواحد في اليوم وفقا لهيئة كهرباء ومياه دبي، كما أن جميع مياه هيئة كهرباء ومياه دبي التي تدخل المجتمع يتم جمعها في مجريَي مياه صرف صحي (رمادي وأسود) يتم معالجتها في الموقع وإعادة استخدامها في ري المساحات الخضراء، ويعد التأثير التراكمي لإعادة تدوير المياه كبيرًا في الحد من الانبعاثات وتحقيق المدخرات المالية.

يمكن أن يساعد التنقل داخل المجتمع أيضًا في الحد من الانبعاثات، وقد أطلقت المدينة المستدامة 120 عربة كهربائية لتسهيل التنقل داخل المجتمع، حيث سافرت قطعت العربات الكهربائية بعد شحنها بالطاقة الشمسية 216,000 كم في عام واحد وهو ما يعادل 5.5 أضعاف المسافة حول خط الاستواء مع عدم وجود أي انبعاثات، وستجرب المدينة المستدامة في عام 2018 بالتعاون مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي مركبة ذاتية التحكم بدون سائق، الهدف من هذا المشروع الرائد هو تقييم مفهوم المستخدم النهائي وتأثير المركبات ذاتية التحكم في مجتمع سكني، وعلى نفس القدر من الأهمية، فقد حسنت التجمعات الخالية من السيارات من جودة الهواء وغيرت من سلوكيات التنقل معززةً النقل المنخفض الكربون.

كما تساعد المدينة المستدامة على تسريع التوجه إلى استخدام السيارات الكهربائية (EV) حيث وزّعت 14 محطة شحن في أرجاء المدينة المستدامة لتشجيع استخدام السيارات الكهربائية. وتجدر الإشارة إلى أن البصمة الكربونية للسيارات الكهربائية قد تكون عالية أثناء مرحلة التصنيع (تظل البيانات المتعلقة بانبعاثات المنبع شحيحة أو محجوبة في مجال صناعة السيارات) الا أن الانبعاثات أثناء التشغيل يتم تحديدها من خلال مصدر الطاقة، ويتم تشغيل السيارات الكهربائية في المدينة المستدامة بالطاقة الشمسية وبالتالي لا ينتج عنها أية انبعاثات كربونية. وقد تحولت %3 من الأسر في المجتمع إلى استخدام السيارات الكهربائية.

يمثل التخلص من النفايات وإدارتها %3 من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وبالتالي يمكن لإدارة النفايات الفعالة وتحويلها من مدافن النفايات أن تحد من الانبعاثات؛ يعد الميثان أبرز غاز ناجم عن مدافن النفايات وهو أحد غازات الاحتباس الحراري العالمي وله قدرة على تسخين الجو 25 مرة أشد من تأثير ثاني أكسيد الكربون، ولتحقيق أعلى تحويل ممكن، قدمت المدينة المستدامة صناديق فرز في كل فيلا ومحطات فرز في كل التجمعات، حيث يتم جمع النفايات المصنفة وإرسالها إلى مرفق استصلاح المواد (التدوير) للفرز الثانوي والمعالجة إلى حبيبات بلاستيكية وبالات وسماد، كما يقوم مجتمع المدينة المستدامة بجمع زيت الطهي المستعمل الذي تتم معالجته في منشأة بدبي لإنتاج وقود الديزل الحيوي (وقود محايد).

يمكن لإنتاج الغذاء أيضًا أن يحد من الكربون من خلال تقليل عدد الأميال الغذائية فضلاً عن متطلبات التخزين البارد. تحتوي المزرعة الحضرية في المدينة المستدامة على 11 قبة بيولوجية يتم التحكم بدرجة حرارتها وتنتج الخضروات الورقية وغير الورقية، وفي عام 2017 أنتجت المزرعة 400,000 من الأعشاب بأوعية (أُصص) منها وُزع %10 منها على السكان مجانًا، كما سيقوم المجتمع بتجربة الزراعة العمودية عن طريق إعادة استخدام حاوية الشحن في مزارع الفراولة بالشراكة مع الشركة الفرنسية الناشئة أجريكول (Agricool).

وبالنظر إلى المستقبل، فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه المدن منخفضة الكربون هو الحد من انبعاثات "المصدر" من خلال الاستعانة بمواد بناء منخفضة الكربون، وتجنب انبعاثات "المصب" عن طريق النهوض بمباني الطاقة الإيجابية ومنعدمة الانبعاثات الكربونية.