الدكتورة / كانكانا دوبي
باحثة مستقلة |
![]() |
الأستاذ الدكتور / منصف كرارتي
جامعة كولورادو |
![]() |
مقدمة
في السنوات العشر الماضية، ازداد إجمالي معدل الاستهلاك النهائي للطاقة في المباني السكنية في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير، متجاوزًا الزيادة السكانية. في الواقع، ارتفع استخدام الفرد من الطاقة المنزلية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء الكويت خلال الفترة 2015-2005، على النحو الموضح في الشكل 1.
تستخدم الأسر في دول مجلس التعاون الخليجي الكهرباء بشكل شبه حصري كمصدر نهائي للطاقة، حتى لتسخين المياه في المنازل وتدفئة الأماكن التي نادراً ما يتم الاحتياج إليها. يقارن الشكل 2 بين معدلات استخدام الفرد في الأسر المعيشية داخل دول مجلس التعاون الخليجي، ومجموعة الدول الصناعية السبع، واقتصادات آسيا والمحيط الهادئ الكبرى. من الواضح أن استهلاك الفرد من الكهرباء في المنازل أعلى بكثير في دول مجلس التعاون الخليجي منه في معظم الدول الأخرى.
في حالة قطاع المباني السكنية، تبحث هذه المقالة المزايا المحتملة لدول مجلس التعاون الخليجي من برامج إعادة التهيئة من أجل كفاءة استخدام الطاقة التي تقلل الطلب على الطاقة من المخزون الحالي للمباني السكنية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي مع التركيز بشكل خاص على دولة الإمارات العربية المتحدة.
المزايا الاقتصادية والبيئية
اقترح كرارتي وآخرون، (2016، 2017، 2018) ثلاثة مستويات لإعادة تهيئة المباني من أجل كفاءة استخدام الطاقة، مع فوائد اقتصادية وبيئية مختلفة لدول مجلس التعاون الخليجي (1) الفحص الأساسي أو المستوى الأول، و(2) الفحص القياسي أو المستوى الثاني، و (3) الفحص المتعمق أو المستوى الثالث. يلخص الجدول 1 (كرارتي، م.، دوبي، ك.، 2018) الوفورات السنوية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون (المرتبطة بتقليل كمية الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء)، ووفورات الطاقة السنوية (المرتبطة باستخدام كمية أقل من الوقود لتوليد الكهرباء)، ووفورات في الطلب خلال فترات الذروة (المرتبطة بتجنب بناء محطات توليد طاقة جديدة) لجميع المستويات الثلاثة لبرامج إعادة التهيئة من أجل كفاءة استخدام الطاقة في الإمارات العربية المتحدة. في الواقع، يمكن تحقيق 50٪ من المزايا من خلال إعادة تهيئة المباني السكنية فقط في الإمارات العربية المتحدة (كرارتي، م.، دوبي، ك.، 2018).
المزايا الاجتماعية
1. التأثير على إنتاجية العمل
إن تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني يمكن أن تزودنا ببيئات عمل ذات جودة أعلى وتكون مريحة وأكثر صحية، وقد تحسن من إنتاجية السكان بشكل جوهري؛ فقد ربط عدد من الدراسات بين المباني ذات الكفاءة في استخدام الطاقة والتحسن في إنتاجية العمل من خلال تقليل نسبة التغيب عن العمل وزيادة نسبة المواظبة (وزارة الطاقة، 2013). عندما يتم تحويل هذه المزايا الاجتماعية إلى نقود باستخدام التكاليف اليومية لتوظيف مقدمي الرعاية للأطفال المرضى وخصم أجور الموظفين، تبين أن قيمتها الحالية الصافية بلغت 11.5 بالمئة (الوكالة الدولية للطاقة، 2014). بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتحسينات في كفاءة استخدام الطاقة أن تؤثر بشكل مباشر على النمو الاقتصادي. حيث وجد التحليل الإحصائي للبيانات التاريخية التي تم الحصول عليها لعدد 28 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي أجرتها فيفيد إيكونوميكس (2013) أن التحسن بنسبة 1 بالمئة في كفاءة استخدام الطاقة يؤدي إلى زيادة بنسبة 0.1 بالمئة في معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي للفرد.
2. التأثير على قيمة الأصول العقارية
أشارت مجموعة من الدراسات إلى أن التحسينات في كفاءة استخدام الطاقة في المباني تتجه نحو الحصول على مبيعات وأقساط إيجار أعلى بسبب أدائها العالي وفوائدها الملموسة، بما في ذلك انخفاض التكاليف التشغيلية وجودة بيئية داخلية أعلى. وقد حددت العديد من الدراسات، معظمها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، زيادات محددة في قيمة الممتلكات بسبب كفاءة استخدام الطاقة (وزارة الطاقة، 2013). على وجه الخصوص، تم تحديد قيم الأقساط لمباني الريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي ومباني نجمة الطاقة المعتمدة بنسبة 6٪ للإيجارات و15٪ للمبيعات (وايلي وآخرون، 2010؛ فيرست وماكاليستر، 2011؛ وزارة الطاقة، 2013). باستخدام بيانات المباني المعاد تهيئتها، وجد، كوك وآخرون (2012) أن تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني القائمة قد رفع من قيمة أقساط الإيجار بنسبة تصل إلى 9 بالمئة، ومعدلات الإشغال بنسبة 2 بالمئة، مقارنةً مع المباني غير المعاد تهيئتها. تمثل العقارات نشاطًا اقتصاديًا مهمًا لدول مجلس التعاون الخليجي، كما هو موضح في الشكل 3. كما يسيطر قطاع البناء السكني على سوق العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي، ويمثل أكثر من 70٪ من قيمة العقار في المملكة العربية السعودية. على وجه الخصوص، بلغت القيمة المضافة للعقارات في المملكة العربية السعودية لعام 2014 مبلغ 60 مليار دولار أمريكي، أو 9.2 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي (قاعدة بيانات الأمم المتحدة المشتركة للإحصاءات، 2016).
3.خلق وظائف
التأثير الاقتصادي الرئيس الآخر لبرامج إعادة تهيئة المباني من أجل كفاءة استخدام الطاقة، هو القدرة على خلق وظائف جديدة في دول مجلس التعاون الخليجي. كما أوضح كرارتي (2015)، فإن إعادة تهيئة المباني لها تأثير مباشر على خلق الوظائف لتنفيذ تحسينات كفاءة استخدام الطاقة؛ كما ترتبط التأثيرات غير المباشرة بالوظائف اللازمة لإنتاج وتوريد المعدات والمواد من أجل كفاءة استخدام الطاقة. إن نموذج خلق الوظائف الذي تم أخذه بعين الاعتبار في تحليل كرارتي (2015) قد اقترح خلق ما يصل إلى 56,000 وظيفة جديدة سنويًا، لإعادة تهيئة مخزون المباني الحالي في الإمارات إلى المستوى الثالث، كما هو موضح في الجدول 2. تجدر الإشارة إلى أن إعادة تهيئة المباني التجارية قد تخلق وظائف أكثر قليلاً من تلك المطلوبة لإعادة تهيئة المباني السكنية، بغض النظر عن مستوى إعادة التهيئة.
الملخص
عرضت هذه المقالة بعض المزايا المباشرة والقابلة للقياس الكمي لبرامج كفاءة استخدام الطاقة واسعة النطاق، التي تستهدف مخزونات المباني الحالية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك: (1) تقليل استهلاك الطاقة، و(2) تجنب بناء محطات طاقة في المستقبل، و(3) خفض انبعاثات الكربون، و (4) خلق الوظائف التي تحتاج إلى مهارة. بالإضافة إلى ذلك، تمت مناقشة بعض المزايا غير المباشرة - التي يشار إليها أيضًا باسم المزايا غير المتعلقة بالطاقة - من برامج كفاءة استخدام الطاقة في المباني، بما في ذلك: (1) تحسين إنتاجية العمل و (2) زيادة قيمة الأصول العقارية. عندما يتم النظر في جميع المزايا القابلة للقياس الكمي، من الواضح أن برامج إعادة تهيئة الطاقة تعتبر فعالة من حيث التكلفة بالنسبة لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة حاليًا بحصة كبيرة من مشاريع البناء المستدامة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، مع 70٪ من المباني المصنفة بالريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي. بالإضافة إلى مجموعة واسعة من برامج ومبادرات إدارة الطلب وكفاءة استخدام الطاقة، تقوم الإمارات العربية المتحدة أيضًا بتشجيع استخدام الطاقة الشمسية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. فعلى سبيل المثال، إمارتي أبوظبي ودبي لديهما هدف للحصول على 7٪ و5٪ من احتياجاتهما من الطاقة من خلال الموارد المتجددة بحلول عام 2020، على التوالي.
ثمة إمكانيات كبيرة لتحسين أداء الطاقة في المباني السكنية في جميع أنحاء منطقة دول مجلس التعاون الخليجي باستخدام كل من إجراءات كفاءة استخدام الطاقة المثبتة وسياسات الطاقة لدعم اعتماد الأنظمة الكهروضوئية على الأسطح وتشجيع الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة. إن التطوير المستمر لهذه التقنيات لديه القدرة على دمج الطاقة المتجددة مع تدابير كفاءة استخدام الطاقة لإنشاء مدن مستدامة. بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن تطوير السياسات والبنية التحتية حول المباني السكنية منخفضة الطاقة سيكون فعالاً من حيث التكلفة ويقلل من استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون الكبيرة في المنطقة.
يمكن تنفيذ التحليل المستقبلي لكل من المزايا الخاصة بالطاقة وغير الطاقة لخيارات وسياسات كفاءة استخدام الطاقة المحددة، مثل استخدام التبريد القطاعي في المراكز الحضرية أو اعتماد المباني منخفضة الطاقة، من خلال وضع إطار قيمة مضافة لدراسة المساهمات الاقتصادية لقطاع المباني.
إخلاء المسؤولية، "وجهات النظر تعود للمؤلف ..."